الاعلام السوري يصنع روايته

 

من جديد، تعود دمشق إلى الواجهة. فاختيارها عاصمةً للإعلام العربي لعام 2028 ليس حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، ولا تتويجًا لماضٍ جميل فقط، بل إعلانٌ واضح بأن سوريا تدخل اليوم مرحلة إعلامية جديدة… مرحلة ما بعد التحرير. مرحلة تؤكد أن الدولة استعادت صوتها، وقدرتها على صياغة روايتها بيدها، دون تشويه أو وساطات أو ضجيج مشوّه للحقيقة.

لقد كان الإعلام السوري، عبر سنوات طويلة، أسير القوة والسطوة لا الحقيقة. أما اليوم، فالمشهد يتغير بصورة جذرية: مؤسسات إعلامية تُعاد هيكلتها، خطاب جديد يتقدّم الصفوف، ورؤية وطنية تسعى لتكريس احترام العقل السوري قبل أي شيء آخر.

ما بعد التحرير هو ما يكتب اليوم. سوريا تستعيد جسور ثقتها مع محيطها، وتروي قصتها كما عاشها شعبها، لا كما أراد الآخرون أن تُحكى. الإعلام يواكب إعادة الإعمار، ويضيء على قصص البناء والعودة والثبات… هوية وطن يتجدّد تحت ضوء الحقيقة لا ظلام الرواية المصادرة.

قوة الرسالة اليوم، تكمن في استقلاليتها. فالمحتوى السوري يُنتج داخل البلاد، لا يُشتق من الخارج. وهذا ما يعيد دمشق إلى مركز الفضاء الإعلامي العربي: قدرة على صناعة التأثير، لا انتظار ما يُملى عليها. خطاب منفتح، لكنه ثابت على المبادئ والحرية والكرامة الوطنية.

أما الصحافة الرسمية، فهي أمام اختبار تاريخي. تجاوزت مرحلة التكرار والجمود، وأصبحت أكثر مرونة وقدرة على التحليل ومخاطبة الجمهور بلغة تليق بعصر السرعة والاتصال. لم تعد مؤسسة أحادية الاتجاه، بل منصة تستمع وتناقش وتفكر وتبتكر.

وعلى المستوى التقني، فإنّ التحول الرقمي ليس رفاهية، بل جوهر الرؤية الجديدة. سوريا تعيد تشكيل هويتها البصرية والإعلامية… قنوات حديثة، منصات رقمية متقدمة، محتوى قادر على الوصول والمنافسة. زمن الإعلام التقليدي وحده ولّى، وجاء زمن الذكاء الاصطناعي والتحليل التفاعلي ومشاركة الجمهور في صناعة الخبر.

باختصار، اختيار دمشق عاصمةً للإعلام العربي هو إعلان سياسي وثقافي بامتياز… إعلان بأن سوريا التي عادت إلى مكانها الطبيعي عربيًا، تستعيد أيضًا دورها في صناعة الوعي والرأي العام. هي خطوة على طريق طويل، لكنها خطوة تُبشّر بأن الغد أشد إشراقًا… وأن نور الحقيقة الذي حملته الثورة سيبقى بوصلتنا نحو المستقبل
الفرات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار