في مثل هذا اليوم، قبل عام، كانت سوريا على موعد مع التحوّل الذي طال انتظاره. لم يكن يوماً عابراً أو حدثاً سياسياً عاديّاً، بل محطة مفصلية أعادت تصويب البوصلة نحو ما أراده السوريون منذ اللحظة الأولى للحراك الشعبي أن تكون سوريا للسوريين وحدهم.
معركة ردع العدوان لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت إعلاناً واضحاً عن نهاية حقبة طويلة امتدت لخمسة عقود من السيطرة المركزية والقرارات المفروضة، هي لحظة انفكاك عن قيود رُسمت خارج إرادة الناس، ولحظة استعادة لحق طبيعي غُيّب لسنوات.
ما جرى خلال 12 يوماً لم يبدأ في 12 يوماً بل هو ثمرة 14 عاماً من الصمود والنضال والعمل المنظم، ودفع الأثمان الباهظة من أجل الوصول إلى لحظة الحقيقة، كل تلك التضحيات كانت تُنسج بهدوء تحت رماد الألم حتى اشتعلت شعلة التحرير أخيراً.
الأهم في هذه الذكرى أن نذكّر أنفسنا والعالم بأن ما تحقق كان بقرار محلي، وبأيدي سورية ومن دون تبعية أو وصاية، لا غرف تحكم خارج الحدود ولا صفقات على حساب كرامة السوري، بل وحدة شعب وجغرافيا وإرادة لا تُهزم.
اليوم ونحن نستعيد تفاصيل تلك الساعات التي تغيّر فيها وجه البلاد، ندرك أن العمل الحقيقي يبدأ الآن، تثبيت الاستقرار وتوسيع المشاركة، وإدخال السوريين كلهم في مشروع الدولة الجديدة، وتحويل الانتصار الميداني إلى نهضة سياسية واجتماعية واقتصادية تعيد لسوريا مكانتها الطبيعية.
إن هذه الذكرى ليست للاحتفال فقط، بل للتذكير بأن الطريق ما يزال ممتداً، وأن الحفاظ على المنجز أصعب من تحقيقه، لكننا تعلمنا أخيراً أن القرار حين يعود إلى الشعب فإن المستقبل لا يمكن إلا أن يكون أفضل.
محمد الحيجي