يأتي هذا اليوم من كل عام ليوقظ فينا ما حاول الألم أن يخمده، ويذكّرنا بأن الشعوب الحيّة مهما طال خنقها… تعود وتتنفّس الحرية.
في 27 تشرين الثاني، لم تكن سوريا على موعد مع معركة فقط، بل مع ميلاد جديد لوطن أرهقته السنوات، وجراح أُريد لها أن تبقى مفتوحة، لكنها التأمت بإرادة أبنائه.
تلك اللحظة لم تكن صدفة ولا نتيجة قرار عابر، بل وُلدت من صبر أربعة عشر عاماً، من أصوات الضعفاء التي تحوّلت إلى قوة، ومن أحلام البسطاء التي لم تُبع في سوق الصفقات السياسية.
كانت أيّاماً كتبت تاريخاً جديداً، عنوانه الأول: القرار قرارنا، والسيادة حقّنا، والحرية شرف لا يُساوم عليه.
لقد أثبت السوريون في تلك الساعات المشحونة بالأمل والخوف معاً، أن الأرض تعرف أصحابها، وأن الظلم وإن طال… فإن نهايته محتومة.
تحقّق التحرير بلا جيوش أجنبية، بلا إرادات مفروضة، بلا خيوط تُحرّك من وراء البحار، بل بعرق السوري، بدم السوري، وبصوت السوري الذي قال: هنا وطني ولن يأخذه أحد مني بعد اليوم.
اليوم، ونحن نستعيد تلك اللحظة بكل ما حملته من دموع وفرح، نعلم أن الواجب لم ينتهِ، فالحفاظ على وطنٍ عاد لأهله هو الاختبار الأصعب، وإعادة بناء الإنسان قبل الحجر، وترميم ما كُسر في الروح قبل الجدران هو طريقنا القادم.
ومهما تعثّرنا، سنبقى مؤمنين بأن 27 تشرين الثاني ليس فقط ذكرى نحتفل بها، بل عهدٌ نُجدّده:
سوريا ستبقى بخيار شعبها..مستقلة بقرارها.. عزيزة بكرامتها.. حرة بمن نذروا أنفسهم لها.
الفرات