مرة أخرى، نجد أنفسنا أمام مشهد مأساوي يتكرر، طفل صغير يسقط في بئر ضيّق، وبلد بأكمله يختنق وهو يراقب الزمن يمرّ ببطء قاتل.
هذه المرة في قرية زغير جزيرة بريف دير الزور، حيث مات الطفل عبدالله سليمان الطنش ، ابن الست سنوات، صارع الحياة على عمق 14 مترًا في بئر ارتوازي لا يتجاوز قطره نصف متر، ولكنه في النهاية فارق الحياة….
تسابق فرق الدفاع المدني الوقت، تدخل من مناطق الحكومة إلى مناطق سيطرة “قسد” لإنقاذ روح بريئة، لكن السؤال المؤلم يبقى: إلى متى سنبقى ننتظر المأساة حتى نتحرك؟
كل جهة تملك جزءًا من الحل، لكن لا أحد يتحرك بالسرعة التي توازي خطورة الموقف.
البلديات تعرف أماكن الآبار المهجورة، والدفاع المدني يمتلك آليات الإنقاذ، والمنظمات الإنسانية تمتلك الإمكانيات، والمجتمع المحلي يمتلك الغيرة والرغبة لكنّ التنسيق غائب، وكأن حياة الطفل تُقاس بالبروتوكولات.
ما حدث في زغير جزيرة ليس مجرد حادث فردي، بل إنذار جديد لبلدٍ يتكرر فيه المشهد: طفل يسقط في بئر، وآخر يموت غرقًا، وثالث يحترق بخزان وقود، إنها حوادث ناتجة عن غياب التنسيق والرقابة والمسؤولية المشتركة وحتى الإعلام غاب عنه…
في مثل هذه المواقف، لا تكفي التعازي بعد الفاجعة، بل يجب أن تكون هناك خطة وطنية واضحة لتأمين الآبار، تدريب فرق محلية على الإنقاذ السريع، وتجهيز المعدات اللازمة في كل محافظة.
وفاة الطفل عبد الله اليوم هي مسؤولية الجميع — مسؤولية إنسانية قبل أن تكون إدارية.
فإنقاذه ليس فقط إنقاذ حياة، بل إنقاذ ضمير مجتمعٍ بدأ يعتاد على الألم.
فهل نحتاج كل مرة أن يسقط طفل في بئر لنستيقظ؟
حجي المسواط