المطعم المسمى (الجرداق) في محافظة دير الزور يختلف عن غيره من المطاعم والمقاهي أنه يجب حصراً أن يكون ملامساً وداخلاً على شكل مرفأ بنهر الفرات وتكون الطاولات مطلة عليه، كما بالبساطة في الشكل والسرعة في تقديم الخدمات من أكل وشرب وغياب كامل لكل وسائل اللعب والتسلية فهو مكان لتناول وجبة من الطعام والخروج معها من ضغط الحياة.
إنه لا يشبه المقهى بتقديم التسلية واللعب، وإنما يكتفي بتقديم الشاي الخمير والقهوة العربية، ولا يشبه المطعم بتنوع أصناف الأكل وأنواعه وإنما يكتفي بتقديم اللحم المشوي فقط مثل (الكباب والشقف والمارينا) وهي لحم مفروم مع البصل والبندورة والبهار ويفرش على رغيف من الخبز التنور، والتي تعد من أكثر المأكولات طلباً وشهرةً في الجرداق، إضافة إلى تقديمه مختلف أنواع السلطات فقط.
رواد الجرداق من المثقفين والأدباء والتجار وغيرهم من الطبقات التي تبحث عن الهدوء والاختلاء وتصفية الذهن، فالجرداق ملتقى الأصدقاء بعيداً عن ضجيج المدينة وذلك لتبادل الحوارات والمناقشات حول الكثير من المواضيع سواء أكانت أدبية أم محلية تخص المدينة أو غيرها، كما يتم في الجرداق عقد الصفقات التجارية.
تأتي جمالية الجرداق بجمالية موقعه على النهر وبساطة تكوينه، حيث يتألف من الخيزران والكراسي الخشبية، وغالباً ما يتم دفع حساب الطاولة بالجرداق بعدد الأطباق التي نزلت على الطاولة والبعض من الزبائن كان يمازح صاحب الجرداق بإخفاء بعض الأطباق بهدف المزح والفكاهة ومن ثم يظهرها.
إن الجرداق كلمة فارسية تعني ( أربعة عواميد)، والمقصود بها العريشة وسطحها مسقوف من الحطب والخيزران، وتقع على ضفاف النهر، حيث يتم الجلوس على الكراسي الكبيرة وتحت الأشجار الباسقة، فالذهاب للجرداق متعة لأنها تشرف على النهر الصغير والنهر الكبير، ففي دير الزور يوجد عدد كبير من هذه الجراديق فعلى النهر الصغير هناك جرداق حمود العبد وجرداق حسون وجرداق عيد الصياح وجرداق رزوق -عبد الرزاق العايش-، ومنتزه إشبيلية وغيرها.
الفرات