لم يطبع الكثير من أعماله الأدبية لتصبح قيد التداول بين العامة، إلا أن هذا لم يمنع أبداً من اعتباره قامة شعرية هامة يعترف بها أبناء دير الزور ويجلونها، إنه الشاعر عبد الجبار الرحبي.
نبدأ ببعض المعلومات حول سيرته الذاتية بالقول:
اصح وردد على سمع الزمان صدى أحلام نفسك وسط الروض في شغف
لم يمنع البلبل الغريد عن طربٍ أن بات في قفصٍ أو روضة أنف
واللؤلؤ الرطب لم تنقص كرامته إن كان في العقد أو إن كان في الصدف
ولد الشاعر عبد الجبار الرحبي عام 1906 م في مدينة الميادين التابعة لمحافظة دير الزور، وتلقى العلوم العقلية والنقلية على يد والده الشيخ جعفر الصادق الرحبي والشيخ حسين الأزهري نال الشهادة الثانوية في مدينة حلب عام 1922م، ثم انتقل للدراسة في بغداد وفيها حاز إجازة في الشريعة من كلية الإمام الأعظم عام 1927م، عاد بعد ذلك إلى مدينته ومسقط رأسه ليعمل معلماً في مدارسها، أسس جريدة الفرات في الثلاثينيات من القرن الماضي وترأس تحريرها
وحول بدايات تجربته الشعرية وأهم أعماله حدثنا الباحث ياسر الظاهر بالقول: أحب أديب الفرات الكبير عبد الجبار الرحبي الشعر صغيراً وكتبه منذ نعومة أظفاره، ولم يكن في ذلك أي غرابة وهو المنتمي إلى أسرة عرفت على الدوام بحبها للعلم والمعرفة من جهة وبالنبوغ الأدبي الذي تميز به أبناؤها، فنجد فيها الشاعر والقاص والفنان التشكيلي، إلا أن الشاعر الرحبي كما أحب الشعر وكان حريصاً على التعبير عن إحساسه بصدق فقد كان حريصاً على الابتعاد عن الأضواء، فعلى الرغم من غزارة شعره إلا أنه لم يكن يميل إلى الظهور، نشر في عدد من المجلات والصحف في مراحل عدة من حياته منها الاسبوع الثقافي والمقتطف والأيام ومجلة الثقافة، له العديد من الأعمال الأدبية والدواوين التي قد يصل تعدادها إلى العشرات منها ديوان أغاريد، وديوان ألحان شاعر، وديوان الروائع، وديوان ذكرى شاعر الخلود إلا أن معظم أعماله الأدبية غير مطبوعة مع الأسف.
وحول المطبوع من أعماله وما خطه في غير الشعر فقد ذكره الباحث عبد الصمد حيزة بالقول:
على الرغم من غزارة شعره وكثرة دواوينه فقد طبع ديواناً اسمه نفثات مصدور وله عدة مخطوطات أدبية أهمها صور على الطريق، صور مختلفة، قال وقلت، اضحكوا من كل زيق رقعة، الفرات الشامي، صور نفسية على ألسنة الإنسان والحيوان، علم الحديث كما كتب مجموعة من المقالات على شكل قصصي منها أثناء الفرص في البلاد العربية والاستعمار، مآسي الأمة العربية، حياة الملك غازي، معضلاتنا الاجتماعية.
وحول تاريخ وفاته وتشييع جثمانه كتب الأستاذ مشرف قاسم رئيس تحرير مجلة منارة الفرات في العدد 48 من المجلة ذاتها: في صباح يوم السابع والعشرين من كانون الأول 1995 غيب جثمان الشاعر الكبير عبد الجبار الرحبي في مقره الأخير، في أرض الفرات التي لطالما غناها ومحضها وده وألحانه وغناءه الذي لا ينضب، لحظات تشييع الجثمان لا تنسى موقف رائع، إن دل فإنما يدل على وفاء أبناء الفرات لمعلمهم الفذ… لمكانته… ولحبهم الكبير له، ذلك العملاق الذي لطالما رفع اسم مدينتهم عالياً في المحافل والمجالس وطالما أرفق اسمه العذب باسم مدينتهم المتواضعة شاعر من الرعيل الأول زامل شوقي وحافظ ابراهيم، والرصافي، والزهاوي، والنجفي، والفراتي
ومن الجدير بالذكر أن الشاعر في سنيه الأخيرة كان قد لزم منزله مع تقدمه في السن، إلا أن منزله هذا ظل محجاً للكثير من أدباء الفرات وقد كتب في إحدى قصائده حول عزلته وعدم حبه للظهور قائلاً:
اصح وردد على سمع الزمان صدى أحلام نفسك وسط الروض في شغف
لم يمنع البلبل الغريد عن طربٍ أن بات في قفصٍ أو روضة أنف
واللؤلؤ الرطب لم تنقص كرامته إن كان في العقد أو إن كان في الصدف
الفرات