تشير بعض الأبحاث إلى أن الصيام قد يوفر طريقة مختلفة للدماغ للوصول إلى الطاقة وتوفير الحماية ضد الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض ألزهايمر.
وهذه ليست فكرة جديدة، فقد اعتقد اليونانيون القدماء أن الصيام يعزز التفكير. ووفقا للأدلة العلمية المتزايدة، فإن هناك أربع طرق يمكن بها للصيام أن يؤثر على الدماغ:
- الكيتوزية، أو فرط كيتون الجسم
تعمل العديد من أنظمة الصيام المتقطع، مثل صيام رمضان، على عكس “المفتاح الأيضي” للانتقال من حرق الكربوهيدرات في الغالب إلى حرق الدهون. وهذا ما يسمى الكيتوزية ويحدث عادة بعد 12-16 ساعة من الصيام، عندما يتم استنفاد مخازن الكبد والغليكوجين.
وتصبح الكيتونات – المواد الكيميائية التي تنتجها هذه العملية الأيضية – مصدر الطاقة المفضل للدماغ.
وفي الوقت نفسه، مع انخفاض استقلاب الجلوكوز في الدماغ مع الشيخوخة، أظهرت الدراسات أن الكيتونات يمكن أن توفر مصدر طاقة بديل للحفاظ على وظائف المخ ومنع اضطرابات التنكس العصبي المرتبطة بالعمر والتدهور المعرفي.
وبالتوافق مع هذا، تبين أن زيادة الكيتونات من خلال المكملات الغذائية أو النظام الغذائي تعمل على تحسين الإدراك لدى البالغين الذين يعانون من تدهور إدراكي معتدل وأولئك المعرضين لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر على التوالي.
- المزامنة اليومية
يمكن لتناول الطعام في أوقات لا تتوافق مع الإيقاعات اليومية الطبيعية لأجسامنا أن يعطل كيفية عمل أعضائنا. وتشير الدراسات التي أجريت على عمال المناوبات إلى أن هذا قد يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة.
ويمكن للأكل المقيد بالوقت أن يسبب تغيرات في التعبير الجيني في الأنسجة ويساعد الجسم أثناء الراحة والنشاط.
وأشارت دراسة أجريت عام 2021 على 883 شخصا بالغا في إيطاليا إلى أن أولئك الذين قيّدوا تناولهم للطعام بعشر ساعات يوميا، كانوا أقل عرضة للإصابة بضعف إدراكي مقارنة بأولئك الذين يتناولون الطعام دون قيود زمنية.
- الميتوكوندريا أو المتقدرة
يمكن للصيام أن يوفر حماية للدماغ من خلال تحسين وظيفة الميتوكوندريا والتمثيل الغذائي وتقليل المواد المؤكسدة.
ويتمثل الدور الرئيسي للميتوكوندريا في إنتاج الطاقة وهي ضرورية لصحة الدماغ.
وترتبط العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر بشكل وثيق باختلال توازن العرض والطلب على الطاقة، والذي يُعزى على الأرجح إلى خلل الميتوكوندريا أثناء الشيخوخة.
وتشير دراسات أجريت على القوارض إلى أن صيام يوم بديل أو تقليل السعرات الحرارية بنسبة تصل إلى 40% قد يحمي أو يحسن وظيفة الميتوكوندريا في الدماغ. ولكن ليس كل الدراسات تدعم هذه النظرية.
- محور الأمعاء والدماغ
تتواصل الأمعاء والدماغ بعضهما ببعض عبر الجهاز العصبي في الجسم. ويمكن للدماغ أن يؤثر على شعور الأمعاء، ويمكن أن تؤثر الأمعاء على الحالة المزاجية والإدراك والصحة العقلية.
وفي دراسة أجريت على الفئران، أظهر الصيام قدرة على تحسين صحة الدماغ عن طريق زيادة البقاء على قيد الحياة وتكوين الخلايا العصبية في منطقة الحصين في الدماغ، والتي تشارك في الذاكرة والتعلم والعاطفة.
ولا يوجد دليل واضح على آثار الصيام على الإدراك لدى البالغين الأصحاء. ومع ذلك، أجرت إحدى الدراسات في عام 2022 مقابلات مع 411 من كبار السن، ووجدت أن انخفاض تكرار الوجبات (أقل من ثلاث وجبات في اليوم) كان مرتبطا بانخفاض الأدلة على مرض ألزهايمر.
كما أشارت بعض الأبحاث إلى أن تقييد السعرات الحرارية قد يكون له تأثير وقائي ضد مرض ألزهايمر عن طريق تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهابات وتعزيز صحة الأوعية الدموية.
جدير بالذكر أن الدراسات التي أجريت على الفئران تدعم دور الصيام في تحسين صحة الدماغ والشيخوخة، ولكن توجد دراسات قليلة على البشر مع أدلة مختلفة حول فوائد الصيام، وهو ما يتطلب المزيد من البحث.