الشاعر أبو زيد الطائي، ولد في “الرقة” وتوفي فيها, وهو أول شاعر عربي من أبناء “الرقة” نعرفه في صدر الإسلام, ويطالعنا منه اتصاله بالبيئات العربية. وهذا يؤكد صلة العرب بـ”الرقة” قبل فتحهم لها. وكان شاعرنا قد اتصل بالخليفة “عثمان بن عفان” بـ”المدينة المنورة”, وكذلك اتصل بالخليفة “معاوية بن أبي سفيان” بـ”دمشق”, وبـ”الوليد ابن عقبة” أمير “الكوفة”، و”أبو زيد” كان يعتنق الدين المسيحي, ولم يرَ في اقتحامه للبيئات العربية في الفترة الإسلامية أيّة صعوبة ولم يرها غريبة عليه في فترة غلب عليها الطابع العربي الأصيل, لذا نجد أنَّ هذه البيئة اعترفت بموهبته، واعترفت بأدبه, وعاش في مدينته “الرقة” مكرماً طوال عمره الطويل. مات الشاعر “أبو زيد” فجأة في “الرقة”, ودُفن على نهر “البليخ” بالقرب من “دير زكى”, وحزن عليه “الوليد” حزناً شديداً.
ويؤكِّد الأستاذ “عبد القادر عياش” في كتابه “حضارة وادي الفرات”، ص /259/ قائلاً: «… ومما لاشك فيه أنَّ وسط “أبي زيد” في “الرقة” أو في منطقتها كان وسطاً عربياً عريقاً له أدبه العربي الذي نشأ فيه وصاحبه. إلى جانب ما عرفت “الرقة” من أوساط الوسط السرياني والوسط الفارسي، والوسط البيزنطي».
من مشاهير الكتاب الذين عاشوا في “الرقة” في العهد “الأموي”: الكاتب الشهير والبليغ “عبد الحميد يحى بن سعد”, قيل أنَّ جده حضر “القادسية” وسبي فيها, وكان أموي الهوى, وبعضهم قال أنه من أهل “الأنبار”، رحل وهو صغير مع عائلته إلى “الرقة”, وسكنوا “الرقة الحمراء” بالقرب من “الرقة السمراء”. كان “عبد الحميد الكاتب” أو الأكبر اسم على مسمى, هذا ما أطلقه عليه “ابن عبد ربّه”, الذي عدّه ممن نَبُلَ بالكتابة, تخرّج “عبد الحميد الكاتب” في الكتابة على يد “سالم بن عبد الله”, وهو مولى “هشام بن عبد الملك” وكاتبه في “الرصافة”. وكان “سالم” هذا صهر لـ”عبد الحميد الكاتب”, وهو أحد الفصحاء البلغاء.
كان “عبد الحميد الكاتب” يحسن اللغة الفارسية, وكان يعلِّم الصبيان في “الرقة الحمراء”, ويقول “الجهشياري”: «…وكان أهل وأقارب “عبد الحميد الكاتب” ينزلون بالقرب من “الرقة”، ويقصد “الرقة البيضاء” بموضع يعرف بالحمراء»، و”الرقة الحمراء” تشكل اليوم مجموعة من القرى, كل واحدة من هذه القرى تدعى “حمره” مع إضافة اسماً آخر للتمييز مثل “حمره بلاسم”, و”حمره جماسة”, و”حمره غنام”, و”حمره بويطية”, و”حمره ناصر”، وسكان هذه القرى يقيمون سنوياً مهرجان ثقافي احتفاءً بهذا الكاتب الكبير. وكان لـ”عبد الحميد الكاتب” صلة بـ”مروان بن محمد”، وقد لازمه حتى نهاية العهد الأموي في عام /132/هـ.