الرقةُ في اللغة: أرض يعلوها الماءُ القليل ثم ينضب عنها. ويقال الرقتان: الرقة والرافقة، والبصرتان، للبصرة والكوفة، لأن البصرة أقدم من الكوفة.
يقول الشاعر عبيد الله بن قيس الرقيات:
أقفرت الرقتــان فالقلـس فهو كأن لم يكن به أنسُ
وقال آخر:
إذا مالرقتان تجافيـــاني فما الدنيا عليَّ الرقتان
سينصفني صديقٌ من صديقٍ ويحملني مكانٌ من مكان
والرقة موضع بالجزيرة السورية، ترامت عليه الآن مدينة جميلة، فضَّلها فيما مضى الأمويون على دمشق، والعباسيون على بغداد، ووصفها هارون الرشيد – الخليفة العباسي- بأنها إحدى منازل الدنيا الأربع.
أما عن الرقة في الشعر الشعبي- أو الأغنية الشعبية- فلقد نظر إليها الشاعر الشعبي، فوجدها كاللؤلؤة بعد أن غسلها المطر، ولها وميض، يشبه وميض الجواهر، وهي كالدرة تبتسم للقمر.
بانت الرقـة تلالي/ تو مغسلة من المطر
جوهر بالقاع تلصف/ درة تبسـم للقمـر
آه ياقـلب التمانـي/ والتماني من الفكر
كما كان لسور الرقة نصيبٌ من ذلك، فما أجمل الصبايا اللائي يتخطين قربه.
فزيت من منامي حسيت ذابل ريجي/ ريام الرقة يتخطن عند السور العتيجي
ولم يتوقف الذكر على مدينة الرقة، فحسب بل مرَّ الريف أيضاً. فها هو ذا يصف معركته مع الضابط التركي ، وكيف انتصر عليه في معركة ما بين زعيج والرقة السمراء.
ثريَّا بـاش خيَّم عالشـريعة/ يريد بلادنا غصب عن أهلنا
ما بين زعيج والرقة السمرا/ بان الفارس المنهم ومنّا
احنا أبطال والتـاريخ يشـهد/ احنا الزبيد لما نعطي وطنا
وهو يوصي من فارق حبيبه بأن لا يعلو تل جعبر، خشية أن يموت، وليس لديه نعش كي يحمله.
تل جعبر لا ترقا يلي مفارق عشيرك/ اخاف تعنن وتموت مامش نعش تا شيلك
وسيحط رف الحمام المهاجر في هنيدة ، والجميل لا يمكن الحصول عليه، أما الآخر فهو ليس صيدٌ يمكن التباهي به.
رف الحمام الغرب موكرٍ بهنيده/ الزين معد يحقل والعفن مهو صيده
أما شاعر الموليّا فإنه رأى الحبيب في منطقة سحل الخشب، تلك المنطقة التي ترسو فيها الأخشاب القادمة مع مياه نهر الفرات، وألقى عليه تحية المساء.
بسحل الخشب لاح لي الكواك ماساني/ صف الفشك جس خمص حشاي ماساني
اعض كف الندم نوبه اقطعوا بسني…/ واجذب وسايف على الصارم سبب ليّه
كذلك كان للبادية الجنوبية نصيب أيضاً.
اركب لجية الفحل وشدادها شامي/ امشي مع البادية وسهيل جدامي
لمن قالولي لفى مردوع الوشامي/ ضحاح خدو لعجهم برق الهريفيّة
هذه هي الرقة، وبعض مواطنها في أغانيها، وهو ليس كل ما ورد ذكره على ألسنة الشعراء في الأغنية الشعبية. أولئك الذين كانوا قلباً نابضاً بحبها، وعاشقاً يتحدث عن حبيبة أحبها، وافترقا وهما بذروة العشق، فتحدث عنها برقةٍ تشبه النسيم، وبحلم يشبه الأمل، فبرع بتصويرها، وأجاد برسمها لتبدو لنا، حاملة بريق الأمنية وعبير الصدق.