(الصبة) أو (السكبة) عادة اجتماعية تتم ممارستها بشكل يومي ما بين الجيران والأصدقاء والأهل في دير الزور، تهدف إلى زيادة الألفة الاجتماعية وتوثيق أواصر المحبة، وتتم عن طريق تبادل الأطعمة المميزة دون تقيد بمواعيد وأيام محددة ولكنها تكثر في أيام الشهر الفضيل.
تعد من العادات الجميلة التي يمارسها جيران الحي في دير الزور، حيث يتم تبادل الأطعمة المميزة وهذا التبادل للطعام يتم بشكل دائم دون انقطاع، ولا يهم إن كانت كمية الصبة كثيرة أو قليلة أو حتى إنها لا تكفي أهل البيت جميعهم، المهم هو إرسالها للجيران القريبين ليتم تذوق الطعام، وهم بدورهم يحتفظون بالطبق الذي تم إرسال الصبة فيه ليتم إرجاعه بطعامٍ مميزٍ أيضاً، وهذه من العادات التي تتوارثها البنت عن الأم والجدة.
كثيراً ما يتم الخلط بين الصبة والتنزيلة وهناك فارق بينهما فالصبة يتم ممارستها بشكل يومي ما بين الجيران والأصدقاء والأهل دون ربطها بمناسبة معينة أو يوم محدد فهي تتم على مدار العام، بينما التنزيلة فهي مخصصة للجار الجديد الذي يسكن الحي ويتم تقديم الطعام له ومساعدته للتعرف عليه والتقرب منه.
وشاعت بعض الأقاويل القريبة للطرافة فمنهم من يقول انه حق الجار على الجار أن يتذوق طعام جاره ليكون بينهم خبز وملح، إضافة إلى اعتقاد سائد أنه عندما تعج في المكان رائحة الطعام المميز ويشتمه الجار لابد من إرسال الصبة ليتذوقه كي لا يصيب أهل البيت أي مكروه، ويتم ربط هذا الأمر بالعين والحسد، فيتم إرسال الصبة لتفادي الحسد ما بين الجيران، ومن المأكولات الأكثر تبادلاً الفورة والبامياء واللحم المشوي والمحشي والكمايات (القبوات) والقارنيارق (منزلة الباذنجان) وغيرها الكثير من الأطعمة التي تشتهر بها ربات المنازل في دير الزور وحتى الحلويات أيضاً يتم تبادلها وإرسال صبة منها.
وتحدث الباحث كمال الجاسر عن الصبة وتاريخها ومعناها بالقول: حسب الدراسات الاجتماعية والمراجع ليس لها تاريخ محدد وإنما عرفت منذ أقدم العصور، وكانت في السابق في سنين الفقر يتم ممارستها كنوع من العطف على الفقراء من قبل الأغنياء، ولكن مع مرور الزمن والتطور تحولت كعادة يتم ممارستها من قبل جميع الطبقات الاجتماعية دون النظر للحالة الاقتصادية أو مستوى المعيشة، والصبة تكثر في الشهر الفضيل شهر الصيام، ومعناها في اللغة العربية كما جاء في المعجم اللغوي هو صب هال الدقيق في الجراب من غير كيل، كما يقال صبه في القالب، وأيضاً صبه تعني كبه وسكبه، ويتميز أهالي دير الزور على اختلافهم ما بين مدينة وريف بهذه العادة التي لم يستغنوا عنها رغم التوسع العمراني والتطور وازدياد عدد السكان