حداء الإبل.. أغان لطرد الوحشة في بادية الفرات

 

يعتبر الغناء للإبل أحد فنون الشعر الغنائي البدوي، فهو يجمــع بين سحر المعنى وعذوبة الصوت، فيترنم صاحبه بأبيات شجية تعينه على عناء السفر وبعــد المسيــر ولوعة الرحيل.

إنّ الترنّم بالشعر كان أول نوع من الموسيقا عرفه العرب في الجاهلية، خاصة الترنّم على إيقاعات مسير الإبل وحركتها في ارتحالاتها ما سمِّي الحداء، فيما الترنّم أثناء لحظات الراحة والاستقرار سمِّي الغناء، وإنّ طبيعة الدير الصحراوية، وتواجد البدو ساعد في أيجاد أنواع عديدة من الشعر كالهجيني والقصيد والسامري التي تغنى بها شعراء البدو بمسير الإبل.

ساد في البادية نوع آخر من الشعر وقد عرف هذا الشعر باسم القصيد ومنه السرحي أي الباحث عن السرح، والهجيني أي الذي يرافق الهجن ويحثها على المسير

ويشير الباحث علاء الحسين بالقول: غناء الهجيني يخفف وحشة الطريق وعناء السفر، ويحث الإبل على السير السريع، وقد جاء اسم الهجيني من الهجين وجمعه هجن وهو الجمل الرشيق السريع المشي الذي يعد من أجل السفر وقطع المسافات البعيدة، وقد يشترك في غناء الهجيني شخصان أو أكثر يرد الواحد منهم على الآخر بأبياتٍ توحي له أبياتاً مشابهة أو ذات صلة فيطرب لها الرّكب المسافر وينسى هموم السفر ووحشة الطريق.

ومن ألوان الشعر الشعبي الفراتي غناء السامري الذي يأخذ الجانب الحربي والفخر والاعتزاز وعنه يقول الباحث محمود العلي: هو من الوان الغناء الفراتي، حيث يقال على الإبل والخيل وهي تسير الهوينا، ولشحذ الهمم، وطرد الوحشة، والحث على الشجاعة والسامري غالباً ما يكون بحره العروضي من كامل الرمل.

ومن غناء سامري الفرات:

الدقة اللي بايمن مغيليث صارت / تقلب الرضاع تدعيهم شياب

يوم جت الخيل للقطعان غاره / هلهلنا البيض وانهد الشرابي

ينتخي عند المحارم يوم صارت / ملاقي الفرسان وماعنده حزاب

كم صفرا من حدر مدلول جارت / ورده حوض المنايا وما يهاب

الباحث أسعد الفارس في كتابه شعب ومدينة على الفرات الاوسط تحدث عن ألوان الغناء لدى أهل البدو بالقول: «ساد في البادية نوع آخر من الشعر وقد عرف هذا الشعر باسم القصيد ومنه السرحي أي الباحث عن السرح، والهجيني أي الذي يرافق الهجن ويحثها على المسير.

كما صور الشعر السرحي واقع الحال البدوي تصويراً جميلاً رسم به حالات متعددة من الواقع الذي ساد في الصحراء الفراتية:

أبدي بذكر الله اللي عالكل منان / يارب يا خلاق عرش بسمايا

نطلبك يارب يا رافع الشان / ترفع عبيدك من جميع الدهايا

لايزال غناء أهل البادية يتأثر بالعزوفات التي تعبر عن الروح الحزينة التي تحملها هذه الطبيعة، والهجيني يُغنى في الاسفار وعنه يقول الفارس: لايزال بدو الفرات يحافظون على مكانته ومقامه في البادية حتى اليوم، وهو لونٌ من ألوان الغناء الشعبيّ القديم الذي كان يردّده المسافرون وهم على ظهور إبلهم في الصحراء، والهجيني الفراتي يوزن على مجزوء البسيط، إضافة إلى الحداء وهو غناء أهل البادية لأن هذا النوع من الغناء يتناسب مع لحن البوادي ونغمها الحزين البسيط الذي تطرب له طبيعة نفوس الاعراب.

ومن غناء الهجيني ما يردده أبناء الفرات بالقول:

حنيت أنا والقلب مجروح / حن الحواير على الناقة

ياشوقي بسرٍ لك ما بوح / ياسعدن يومن نتلاقه

وأيضاً:

شديت أنا من الهجن مية / والكل عالشوق دواره

خمسين يم مورد المية / وخمسين عالجوف ودياره.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار