يعانق الشعر الفراتي الموروث الإسلامي وكذلك السير الشعبية والملاحم في كثير من جوانبه، فقد عبر الشعر الفراتي عن فكر المجتمع وتصوير الإنسان والحياة، فكان هيكل القصيدة الفراتية ووحدتها تشبيهاً لما يحصل، فشبهوا صبر أيوب وعلته وحزن يعقوب بشعرهم، فكانت أبياتهم على صيغة المثل في إيقاعه لأن الشعر الإسلامي استقى لغته من لغة القرآن الكريم واقترنت هذه اللغة مع لغة الحياة اليومية، فكانت لغة واقعية جمعت البدوي والحضري.
ومن ذلك أبيات فراتية تقول:
شكيت لك ياخوي شكوى النبي أيوبي… حيشه* الجلالة يطاري الشوك عذروبي…
أضر مس النبي يوسف ويعكوبي… النار لأهل الهوى والنوح لحدية.
ويقول الباحث محمد الحومد في كتابه (قبسات من الشعر الفراتي) عن أثر الإسلام والسير الشعبية على الشعر الفراتي: لم يخل الشعر الفراتي من التأثر بالدين الإسلامي، فالشاعر الفراتي استطاع أن يصوغ صوراً جزئية تجتمع لتكون صورة كلية معتمداً على الفكرة والعاطفة، وكانت الصور ألواناً وألواناً منها الحسية والذهنية والاستعارة والكناية، فالشاعر الفراتي يشبه حزنه بأنه فاق حزن يعقوب على ولده يوسف عليهما السلام.
فيقول:
يعكوب حزنو انكضى حزني عليهم دوم… قلبي شبه العنس أهفت ولدها روم
بجيت بحركة قلب لمن الجفن ورم… وأنت طبيب تعرف ما جان بيشيه.
ويضيف: تناول الشعر الفراتي شكوى الألم إلى الأنبياء والصالحين فقالوا:
لاركب نجية الفحل وأرخيلها الجنوبي… كاصد محاري الحسن وحسين وأيوبي…
أشعل فتيل الهوى واكعد عالدروبي… إنجادها بالسرح لازم تجي ليه.
ولقد عجز لقمان الحكيم عن وصف الدواء لعاشق هكذا صور شعراء الفرات العشق: لقمان جرح الهوى تاه بدوا صيفوه… لا هو طبيبي ولا آني اصبر على حيفوه… هاتم حبيب القلب يداوي على كيفوه… يبرى جروحي كبل ليلى ومسويه.
وقد تجلت الألفاظ الإسلامية في أغلب الأشعار الفراتية متمثلة بالقسم:
وحق عقد الولاية والنباهة… جميع إعضاي صارت ونة باهة…
ياحادي ضعون ولفي والنباهة… نريد وياك نترافك سويا
كذلك يتكرر ذكر رميم ذلك الفتى الذي بقي بانتظار حبيبته سنة كاملة حيث يروي أنه كان بلقاء معها، وشعرت بأن أهلها يبحثون عنها، فتركته وذهبت إليهم فوجدتهم قد جهزوا للرحيل وذهبت معهم وبقي ينتظرها فجاءت في السنة القادمة ووجدت رفاته في مكان اللقاء الذي تركته فيه:
لا ضرب البيدا عليهم بكمال السلاحي… لا بوخدود جما التفاح لولا حي..
. إلنا عليهن تبل عامر والوشاحي… ورميم ظل بوعدهن للحول عالميه.