يبرع الباعة في التمييز بين الكمأة السمراء الصغيرة التي تُدعى باللهجة المحليّة (الحرقة) وقد لا يتجاوز حجمها حبّة الجوز، و(الزبيديّة) ذات الحجم الأكبر واللون الأفتح، و(الشيوخ) التي سُمّيت تشبّهاً بلحية الشيوخ البيضاء الكثّة وقد تصل الواحدة منها لحجم حبّة البطاطا الكبيرة.
وبصيحاتٍ مشابهةٍ ينادي باعة الكمأة على بضائعهم في الأسواق الشعبيّة ، ومنها الأسواق المنتشرة في بلدات ريف دير الزور ، (سمرا الكماية سمرا.. سمرا وبنت العرب)، يرفع البائع صوته مع مرور كلّ شخصٍ جانب محلّه، محاولاً جذب المزيد من الزبائن لهذه البضاعة القادمة من ريف وبداية دير الزور والحسكة .
فمع اقتراب موسم الكمأة الذي يظهر بمعظم أراضي مناطق البادية السورية خلال شهري شباط وآذار بدأت التوقعات حول أسعاره بأنها ستكون مرتفعة إذا بقيت الهطولات المطرية قليلة.
وشهد العامان الماضيان ارتفاعاً كبيراً بأسعاره في الأسواق السورية، حيث كانت الكميات التي جُمعت قليلة جداً بسبب قلة تساقط الأمطار ومخاطر جمعه لوجود ألغام زرعها الإرهابيون بعدد من مناطق باديتي دير الزور والحسكة، فهناك عدّة عائلات توفيت أثناء جمعه بسبب الألغام.
ويجد بعضهم صعوبة في تنظيف الحبات من التراب لذلك تحتاج إلى مجهودٍ ووقتٍ لغسلها بشكلٍ جيد بكميات كبيرة من الماء..
الكمأة نوع من الفطور التي تنمو دون زراعة وهو ليس سام أبداً وله أنواع كثيرة، ويتميز بأن له أبواغ لكن طريقة انتشار أبواغه مختلفة عن الفطر بأنه ينتج تحت الأرض بظروف مختلفة وعند نضوج الأبواغ يقوم الجسم الثمري بإنتاج روائح زكية حتى تقوم الكائنات البرية بأكله ونقل أبواغه لأماكن أخرى لأن أبواغه مقاومة للهضم وبالتالي تنقله الحيوانات لأماكن ثانية عن طريق مخلفاتها.
وتنبت الكمأة في المناطق الصحراويّة أو شبه الصحراويّة بسوريا وغيرها من بلدان الشرق الأوسط وحوض المتوسط، وهي من أنواع الفطريّات التي لا تحتاج بذوراً للنموّ، وتظهر غالباً إلى جانب بعض النباتات الصحراويّة أو قرب جذور الأشجار، وعلى عمقٍ يتراوح بين 5 و15 سنتيمتراً.
ولا تظهر الكمأة سوى في مواسم المطر، وتحديداً عند حدوث البرق والرعد، حيث يساهم البرق في إحداث تفاعلٍ بين بعض المكوّنات والبقايا الحيويّة الموجودة في التربة ومنها الأملاح والمعادن، لتتشكّل ثمار بأنواعٍ وأحجامٍ مختلفةٍ تصل حتى 30 نوعاً حسب منطقة نموّها، وليشرع السكان في المناطق القريبة للبحث عنها بعد كل ليلةٍ ماطرةٍ، مُطلقين عليها ألقاباً عديدة، منها (ابنة الرعد) و(نبات الرعد) و(الفقع).
وعلى طول الطريق الواصل بين مدينة دمشق ودير الزور شرق سوريا، وبخاصّةٍ في المناطق الصحراويّة، ينتشر العشرات ممن يبحثون عن ضالّتهم من الكمأة بين الأتربة والأعشاب، حيث يميّزونها نتيجة التغيّر في شكل سطح التربة، أو بوجود نوعٍ معيّنٍ من الأزهار إلى جانبها، وأحياناً من خلال تجمّع بعض الحشرات حولها.