في كل مرة يُسمع فيها دوي رصاصٍ في سماء الحسكة، لا يكون المشهد بالضرورة مرتبطا بالخوف أو الاشتباك، بل قد يكون احتفالًا بمناسبة زفاف أو نجاح أو عودة مغترب. لكنّ هذا “الفرح” المسلح كثيرًا ما يتحوّل إلى مأساة.
آخر ضحايا هذه الظاهرة كانت الانسة نورة عبد الأحد عبد الأحد التي فقدها طلابها والتي لم تكن تعلم أنه ستنتهي بها الحياة جثة هامدة، بعدما اخترقت طلقة طائشة جسدها في حي الناصرة بالحسكة.
نورة ليست الضحية الأولى، ولن تكون الأخيرة، ما لم يتم التعامل بجدية مع هذه الظاهرة التي تحصد أرواح الأبرياء في وضح النهار، وظهر يوم السبت أمام جامع الفاروق وسط المدينة أصيب شاب برصاصة طائشة، الرصاص الطائش في محافظة الحسكة بات أشبه بوباء صامت، لا يميز بين صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، مدني أوعسكري، هو جزء من موروث اجتماعي قديم، يربط “الرجولة” و”الفخر” بإطلاق النار في المناسبات، وكأن التعبير عن الفرح لا يتم إلا بإرهاب الآخرين!
في غياب تطبيق صارم للقانون، وتراخي الجهات الأمنية، بل وأحيانًا تواطؤ البعض بالصمت، تستمر هذه العادة القاتلة في حصد الضحايا، حتى المجتمع نفسه، الذي يندد ويغضب بعد كل مصاب، يعود لينسى ويبرر و يعذر مطلق النار لأنه ما كان قاصد أو انزلق الزناد بيده.
في محافظة مثقلة أساساً بهموم النزوح وانقطاع الماء وانهيار البنية التحتية، يبدو الرصاص الطائش عبئا إضافيا، لا يقل خطراً عن أي أزمة أخرى، بل إن ضحاياه أكثر براءة، لأنهم يموتون في أماكن لا يجب أن يكون فيها موت أصلًا: حفلات، شوارع، باحات منازل.
ربما آن الأوان لأن نقف جميعًا، كأهل وصحفيين ومسؤولين وشيوخ عشائر، أمام مرآة الحقيقة: إطلاق النار في المناسبات ليس زينة فرح ، بل جريمة مكتملة الأركان.
نورة عبد الأحد ….. لن تكون مجرد رقم، فلتكن صرختها الأخيرة رصاصة توعي ضمائرنا.
حجي المسواط
قد يعجبك ايضا