نسرٌ من سلاح الجو العربي السّوري اخترق الدّفاعات المعادية في حرب تشرين 1973 وتمكّن من إنزال كتيبة من رجال الكوماندوس السوريين وراء خطوط العدو..
وفي طريق عودته, أصيبت طائرته بصاروخ إسرائيلي, وأصيب هو بشظية مزّقت ساقه وتركتها معلّقة بجلدة ركبته.. مما اضطرّه إلى الهبوط الاضطراري في الأرض المحتلّة ( كفر نفّاخ), وحين غادر الطائرة المحطّمة وأراد أن يمشي, شعر أنّ ساقه المقطوعة تعيقه عن الحركة. وبغير تردد تناول حربة بارودته وقطع ساقه المتدلية. ولوّح بها في الهواء … وقال لها:
(يا ساق …انزرعي في أرض الجولان سنبلة تلد ألف سنبلة …
يا ساق …. إنّي وهبتك إلى أمّك الأرض)
كان الصهاينة يرصدون هذا البطل, فأسروه .. وفي غرف التحقيق …أصيب الصهاينة بالهستيريا لشجاعته وإخلاصه لأمّه سوريا. فقطعوا له الرجل الأخرى.
وبعد أسر دام أكثر من سنة ونصف انفتح باب طائرة الصليب الأحمر التي حملت الأسرى السوريين العائدين إلى دمشق، نزل العقيد عدنان الحاج خضر محمولاً على نقالة يرفعها أربعة ضباط من زملائه ، وكان بلا ساقين ، وعندما وضعوا الحمالة على أرض المطار بناء على طلبه قبّل الأرض قبلة طويلة بعد أن صرخ من أعلى سلم الطائرة وهو مستلقٍ على الحمّالة :
(الأرجل هي لا شيء … نحن مستعدون أن نخسر أرجلنا حتى يمشي الوطن .. ونفقد أعيننا حتى يرى … وننزف حتى تمتلئ بحاره ، وتفيض أنهاره)
وإليكم بعضاً من كلمات الطيار البطل بعد عودته من الأسر:
( لقد خافوا أن أعود إليهم … فقطعوا رجلي الثانية .. ولكنني سأعود لأقاتلهم على عكازتين فلينتظروني .. أيّها الإسرائيليون: بيننا وبينكم 200 حرب قادمة.. والقصّة معكم طويلة .. بل هي أطول من عمركم …. أنا بقية مقاتل لم يبق منه سوى كتلة من 120 سم من اللحم والدّم .. أمّا روحي, أمّا إيماني, أمّا كرامتي فقد كانت تنفجر في وجوههم كالصّاعقة …. إنني لم أستحق لقب البطل … كل ما فعلته أنني أعطيتهم رجلي ..)
ولهذا الطيّار البطل … كتب الشاعر الكبير الرّاحل نزار قبّاني:
في مطار دمشق الدّولي كانوا يرقصون، ويغنون … ويدبكون وينثرون الورد الأبيض على العروسين …ساقا عدنان الحاج خضر هما العروسان …تزوجتا معاً … وسافرتا إلى شهر العسل معاً … ساقاه قلمان يكتب بهما الوطن مذكراته ..وكتابان مدرسيان … سيقرؤهما التلاميذ العرب خلال السّنوات الألف القادمة …على هذا الأساس يجب أن توضع مناهج التعليم العربيّة… لماذا يعتذر العقيد عدنان الحاج خضر إلينا لأنّ جسده تقلّص إلى 120 سنتمتراً.؟
متى كانت البطولة تقاس بالمساطر والسنتيمترات…يا سيّـــــــــدي البطل !…لا تعتذر عن غياب رجليك …فنحن الذين علينا أن نعتذر إليك عن بقاء أرجلنا.
الطيار عدنان بن حسين الحاج خضر هو من مواليد : دير الزور ١٩٣٧
نال العديد من الأوسمة منها :
ـ وسام الجيش عام 1962.
ـ وسام 8 آذار 1963.
ـ وسام اليرموك 1964.
ـ وسام الإخلاص ـ فئة ثالثة ـ عام 1969
ـ الاستحقاق السوري 1974 ، 6 تشرين 1974 .
– لقب(بطل الجمهورية) عام 1975.
ـ وسام الإخلاص فئة أولى ـ عام 1976.
ـ وسام الاستحقاق السوري ـ درجة أولى عام 1980.
– أبقى الرئيس الخالد حافظ الأسد ترفيعاته مستمرة في الجيش حتى وصل إلى رتبة لواء رغم عدم قدرته على أداء الخدمة وقد زاره في منزله وأثنى على جهوده.
– انتقل إلى رحمة الله في دمشق عام 2012.