التقويم الديري.. المربعانية وسعودات الخمسينية

كثيراً ما نقرأ في المفكرات التقويمية عن دخول سعد الذابح أو سعد السعود، وغيرها من هذه المسميات، ولكن في حقيقة الأمر قلما يعرف الناس معاني هذه الكلمات، حيث كان لها أهميتها وخاصةً عند أجدادنا الذين استخدموها ولكن في أسماء محلية أصبحت فيما بعد من الموروث الشعبي.

لم نكن نعتمد في تحديد أيام الشهر أو دخول الأيام التي يتخللها تقلبات في الطقس على أية تقاويم مكتوبة، ولكن كنا نعتمد على النجوم والقمر، وكذلك كنا نستشعر برودة الجو ونحدد من خلالها مرور الأيام التي سميت بمسميات محلية متداولة من قبل أهل المنطقة، وفي نفس الوقت تطابقت مع حقائق علمية، تم تدوينها في علوم الفلك وأصبحت تقويما يعمل به، ولها أهمية بالغة في تحديد ما يجري من تقلبات في الطبيعة، وذلك لتفادي ما يجري خلال هذه التقلبات، وخاصةً أيام السعودات والتي تكون أيامها قصيرة ولكن لها تأثير بالغ الأثر على الكائنات الحية.

إن مدة أيام الشتاء 90 يوماً تقسم إلى قسمين، الأول يسمى أربعينية الشتاء، ويطلق عليها باللهجة الديرية المربعانية، وعدد أيامها أربعون يوماً تبدأ من 22 كانون الأول وتنتهي في نهاية يوم 30 كانون الثاني والجو خلالها شديد البرودة

وعن القسم الثاني من أيام الشتاء والذي تتخلله مجموعة من التقلبات والتي أخذت مسميات علمية ومحلية، ومنها أما بقية أيام الشتاء فمجموعها 50 يوماً وتسمى خمسينية، وتتألف من أربع سعودات كل واحد منها مدته 12.5 يوما، أولها سعد ذابح وهو عبارة عن كوكبان غير نيرين بينهما في رؤية العين قدر ذراع، وأحدهما مرتفع في الشمال والآخر هابط في الجنوب، وطلوعه لسبع عشرة ليلة تخلو من كانون الثاني، وفي نوئه يصعد الماء إلى فروع الشجر ويدرك الجوز واللوز ويرجى المطر، ويبدأ من 31 كانون الثاني ولمدة 12.5 يوما.

وفي الحكاية الشعبية المتداولة عند أهالي دير الزور أن هناك رجلاً يقال له عنتر حيث قرر أن يذهب للصيد أو الغزو، بعد أن أصبح الجو يميل إلى الاعتدال، فقال له والداه لا تغادر فسوف تأتي أيام شديدة البرودة، ولكنه لم يسمع الكلام، وأثناء مسيره بدأت الغيوم تتجمع، فقال والده إن ذبح عنتر فقد نجى وإن لم يفعل فقد هلك، وبالفعل قام عنتر بذبح ناقته وأفرغ أحشاءها وأبقى الجلد والعظام فقط، وأضرم فيها النار للتخلص من رطوبة الجلد، ودخل في جوف الناقة، حتى انتهاء العاصفة الثلجية، ويطلق على هذه الأيام عند أهالي الدير غزوة عنتر.

أما القسم الثاني من خمسينية الشتاء فيدعى سعد بلع تحدث عنها بالقول:هو عبارة عن نجمين مستويين في المجرة أحدهما خفي وسمي الأكبر بالعاً كأنه بلع الآخر الخفي وأخذ ضوءه، وتقول العرب إذا طلع سعد بلع صار في الأرض لمع، وفي دخوله يكثر المطر، وتتزاوج العصافير، ويبيض الهدهد، وتهب الرياح الجنوبية، ويبدأ من 13  شباط.

أما القسم الثالث من أقسام السعودات، يأتي ثالثاً في الترتيب بالنسبة للخمسينية سعد السعود، وهو ثلاث كواكب أحدها نير والآخران دونه، والناس تتيمن به وتستبشر به الخير لذلك سمي بهذا الاسم، ويقال إذا طلع السعود كره في الشمس القعود، وبظهوره يتحرك أول العشب ويصوت الطير، وتتزاوج القطط، ويورق الشجر، وذلك نتيجة الارتفاع التدريجي في درجة الحرارة، ويبدأ من 26 شباط، ويتزامن مع هذه الأيام.

أما الأيام الأخيرة من الشتاء فيطلق عليها سعد الخبايا: وهو عبارة عن أربعة كواكب متقاربة، واحد منها في وسطها وهو يشبه رجل البطة، اثنان منها على الطول واثنان منها على العرض، وسمي بسعد الخبايا لأنه عند طلوعه تخرج الحشرات المختبئة في الأرض نتيجة البيات الشتوي، ويقال إذا طلع سعد الأخبية خلت الناس من الأبنية، ويبدأ من 10 آذار وهو آخر مراحل خمسينية الشتاء

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار