يعمل النجارون بحرفة الأثاث المنزلي وخصوصاً الكراسي الخشبية في دير الزور منذ القديم, حيث يصنعون الكراسي من أشجار التوت المتينة القوية، ومع تطور الحياة وفتح الأسواق تابع النجارون عملهم على نفس المنوال.
وأشار الباحث غسان رمضان الى ان الكراسي الخشبية تنتشر في البيوت والمقاهي وهي على شكل اشارة x ويطلق عليها أهل الدير (كرمز), أما الدوائر الحكومية أيام الاحتلال العثماني فكان يجلس فيها الموظف على كرسي خشبي كبير الحجم منسوج من القش, ويستخرج القش من سعف النخيل أو نبات الحلفة ويمشط بمشط حديدي ويجذل ليتم النسج, ومنذ بداية القرن التاسع عشر دخل كرسي القش في المقاهي والبيوت ودخلت معها كراسي الخيزران التي تستورد من دمشق وحلب.
ومن الصناع المهرة في مدينة دير الزور محمد توفيق السليمان وهو من مواليد 1890 والذي كان يلبس الطربوش الأحمر والصدرية الخاكية ويعتبر شيخ الكار ولديه ورشة كبيرة من أبنائه وغيرهم ومحله جانب الصيدلية العمالية, وكذلك أخيه غازي توفيق السليمان وفتح محل آخر بالقرب منهم أبو بسام مع أولاده, وفتح محل آخر مقابل البوابة العثمانية وصاحبه غريب وكذلك فتح محل كبير داخل كراج المشهداني لرجل من ادلب تعلم على يديه عدة صناع ومنهم زهير العلي وبدوره دخل إلى ورشة توفيق وقد فتح محل في سوق الجبيلة.
صناعة القش لا تزال تأخذ حيزاً من حياة أهل الريف، وذلك بصناعة عدة أنواع من القش كالمكانس والأطباق والسلال وحتى الكراسي الصغيرة والكبيرة، وهذا يعود إلى ملامستهم منتجات الطبيعة ومخلفاتها مباشرة، وتوافر المواد الأولية اللازمة لتلك الصناعات اليدوية التي تمثل جزءاً من التراث الشعبي.
ويتابع الباحث رمضان قائلا: عند سؤالي لفريد العبدالله وهو كفيف كيف تعلمت هذه المهنة؟ قال:” في خمسينيات القرن الماضي دخلت إلى جمعية المكفوفين (الميتم سابقاً) وكنا حوالي 20 طالبا منا المكفوفين ومنا المبصرين, وتعلم الكثير هذه المهنة على يد الإداري ابراهيم العارف وهو فلسطيني الجنسية والمدير الذي دعم الجمعية عبدالرحمن غبين, وتعلمت الصنعة وعملت بها داخل منزلي وأمام دكان والدي أمام سوق الحبال, وكذلك معي كفيف آخر أحمد الصياح تعلم الصنعة, وهناك فاروق الصياح وهو مبصر أتقن الصنعة”.
وبظهور كراسي النايلون تلاشت المهنة وبقيت الكراسي للتراث والذكرى, ومن نوادر هذه المهنة انه إذا نشب خلاف داخل المقهى بين شخصين يقوم أحدهم بضرب الثاني بالكراسي الصغيرة أي كراسي كرمز، فيقال: اشتغل ضرب الكراسي.