تمتاز المجالس المحلية بأنها ذات شخصية اعتبارية لها استقلالها المادي والإداري أي كما يسميها ذوو الاختصاص “سيدة نفسها” لأنها تمتلك كامل الحرية بإدارة أملاكها وايراداتها.. ولكن تبقى حنكة وتدبير إدارة كل مجلس محلي والتعاون بين أعضائه هي الحكم في النتائج المحققة من هذه الإيرادات، لذلك قد نشاهد مجلسين محليين يحصلان على إيرادات مالية مشابهة إلا أن منطقة أحدهما مخدمة بشكل أفضل من الأخرى.
أول ما يخطر للذهن في هذا الموضوع هو من أين تأتي المجالس المحلية بإيراداتها؟ وهو ما أوضحه عدد من القائمين على هذه المجالس بأن ايرادات الموازنة المالية للوحدة الإدارية تأتي من عدة مصادر، “مصدر من أصل الوحدة الإدارية نتيجة الخدمات التي تقدمها مثلا تزفيت شارع تكون له رسوم عائدة لميزانية المجلس المحلي.. كذلك من رسوم رخصة بناء أو غرامة على أي مخالفة أو رسوم من اللوحات الإعلانية… الخ” أما المصدر الثاني فهو من إدارة الاستثمارات التابعة للوحدة الإدارية والمصدر الثالث فيتم تحصيله من الجهات العامة حيث تذهب نسبة من تحصيل الضرائب من وزارة المالية إلى الحساب المركزي لوزارة الإدارة المحلية لتقوم بدورها في توزيعها على الوحدات الإدارية حسب عدد السكان بمنطقة كل وحدة.
وعندما صدر القانون المالي رقم 37 عام 2021 عزز من استقلالية المجالس المحلية فأتاح موارد مالية جيدة للوحدة الإدارية حيث أوضح معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز قطان في تصريح لـ سانا أن القانون المالي يتطابق مع قانون الإدارة المحلية من حيث التساوي بين الوحدات الإدارية ونقلهم من المستوى الهرمي إلى المستوى الأفقي كما أنه وحد القوانين المالية المتعلقة بإيرادات الوحدات الإدارية في وحدة تشريعية تتسم بالحداثة وتنسجم مع التطورات التشريعية ودمج لجنتي تقدير “رسم مقابل التحسين” بلجنة واحدة من أجل تبسيط الإجراءات على المواطنين.
وللتوضيح أكثر فإن القانون المالي وفق قطان أعطى الوحدات الإدارية صلاحية إجراء المناقلات بين بنود وفقرات الباب الواحد للموازنات الجارية من قبل المكتب التنفيذي ومنح مجالس المدن والبلدات والبلديات صلاحيات بإصدار قراراتها في تحديد مقادير ونسب الرسوم الواردة بهذا المشروع دون تصديق هذه القرارات من قبل مجلس المحافظة كما كان سابقاً وفي هذا تطبيق لمبدأ اللامركزية وتبسيط لإجراءات فرض الرسوم التي تصدق من قبل مجلس المحافظة فقط كما سمح لها باتخاذ قرارات فرض بدلات الخدمة لمراكز الخدمة وفق المادة 38 منها.
وأشار معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة إلى أن القانون عدل في طريقة توزيع رسوم التعبيد والتزفيت حيث تم توزيع الرسم بالتساوي بين مالكي العقارات المجاورة وغير المجاورة المستفيدة من أعمال التعبيد والأرصفة تحقيقاً للعدالة ولتخفيف العبء عن المواطنين من جهة ولمساعدة الوحدة الإدارية على تحصيل هذه الرسوم من جهة أخرى، كل هذا يسهم في تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية بما يمكنها من تنفيذ مشاريعها وتقديم خدماتها للمواطنين بشكل أفضل وبما يؤمن الإيرادات اللازمة للأداء بواجبها وتقديم الخدمات للمجتمع المحلي العائد لها.
الصلاحيات الواسعة التي أعطاها قانون الإدارة المحلية للمجالس المحلية ومكنتها من تطوير وحداتها الإدارية خدمياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً عززها القانون المالي رقم 37 كونه ساعد المجالس على رفد موازناتها بإيرادات جديدة تساعدها على تحسين وضعها المالي ويمكنها من القيام بمسؤولياتها حسب تصريح مدير المجالس والتنمية المحلية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة المهندس إياد الشمعة لـ سانا.
ورأى الشمعة أن قانون الإدارة المحلية شكل نقلة نوعية لانتخاب واختيار ممثلينا في هذه المجالس المحلية كونه أعطاها صلاحيات واسعة لها لم تكن موجودة سابقاً وجسد اللامركزية بكل أبعادها فباتت الوحدة الإدارية مستقلة بذاتها ولها صلاحيات مطلقة في استثمار مواردها وتطوير عملها وتوسيع مشاريعها واستطاعت بموجب القانون المالي عام 2021 تحديد الحد الأعلى والأدنى لإيراداتها المالية وقيمة الرسم المالي ونوعه بشكل يمكنها من أحداث مشاريع واستثمارات بالتشاركية مع الجهة التي تراها مناسبة.
وأشار الشمعة إلى أن المجالس المحلية لها الدور الأكبر للنهوض والارتقاء بمدنها وبلداتها وبلدياتها ولتحسين الواقع الاقتصادي عبر استقطاب الاستثمارات الجديدة ووضع خطط استراتيجية للسنوات الأربع التي يمارسون فيها مهامهم كل بمنطقته معتبراً أن قانون الإدارة المحلية أعطى الحرية المطلقة للمجلس المحلي للعمل والتنفيذ لكن لا يزال هناك جهل به وبمواده ما يتطلب التعريف به أكثر ليتمكن أصحاب الشأن من ممارسة صلاحياتهم بشكل جيد وتنفيذ مهامهم على أكمل وجه.
من جهة أخرى يلعب العمل التشاركي الدور الأهم في تحقيق إنجازات ونتائج جيدة بعمل كل مجلس محلي وفق الشمعة ولذلك يتوجب الحفاظ على الخبرات التي حققت بصمة في عمل المجالس المحلية ودعمها لتبقى وتستمر واختيار الجدد الأكفأ لتوفير الأرضية لكل شخص يسعى للارتقاء بوطنه بالتعاون مع زملائه بالمجال نفسه ولذلك فإن التعاون بين أعضاء أي مجلس محلي ضروري جدا لتحقيق المأمول منه وما يصبو إليه المواطن ولا سيما في هذه المرحلة.
“قانون الإدارة المحلية هو البوصلة” هذا ما أكد عليه مدير دعم القرار والتخطيط الإقليمي في محافظة ريف دمشق المهندس عبد الرزاق ضميرية في تصريحه لـ سانا معتبراً أن هذا القانون هو البوصلة التي توجه عمل رؤساء الوحدات الإدارية والمحافظات كونه وضح عمل المجالس وتعدادها وصلاحياتها على أرض الواقع ولا سيما أن المجلس المحلي يرسم استراتيجيات وخطط وأعمال المحافظة التي ستنفذ من خلال المكتب التنفيذي المنبثق عن مجلس المحافظة والمجالس المحلية الأخرى.
كما أن قانون الإدارة المحلية حدد اليات تسمية المدن والبلدان والبلديات وأحدث المجلس الأعلى للإدارة المحلية المعني بوضع الخطة الوطنية اللامركزية المعنية بنقل الصلاحيات من المؤسسات والوزارات إلى الوحدات الإدارية وفق ضميرية مشيراً الى أن ذلك يسهم في القضاء على الفساد والروتين بعمل المجالس داعياً إلى إقامة الندوات للتعريف أكثر بالقانون وبضرورة ايصال أشخاص قادرين على تنفيذه بالشكل الصحيح وممارسة مسؤولياتهم وواجباتهم على أكمل وجه.
التشريعات المذكورة وضعت مسؤوليات جدية على عاتق الوحدات الإدارية والقائمين عليها ما يتطلب من كل شرائح المجتمع التي يحق لها التصويت في الانتخابات القادمة إعطاء صوتها للشخص المناسب والأكفأ والأقدر على تنفيذ هذه المسؤوليات وبما يساعد على تحسين معيشة المجتمع المحلي والارتقاء بخدماته.