من الحليب تعددت الصناعات وتنوعت الأطعمة، وخصوصاً عند أهالي دير الزور وريفها الذين تميزوا بالعديد من المأكولات والمشروبات عن غيرهم من المحافظات ومن تلك المشروبات الشنينة.
فهي تعتبر الغذاء المتكامل للكبار والصغار، والمشروب البسيط الذي يتربع على عرش الموائد في الدير، حيث لاتكاد تخلو مائدة من حضوره في أي وجبة من وجبات الطعام، خاصة إذا كان مع وجبة الثرود على جميع أنواعها.
هي مشروب بسيط ولذيذ ومغذٍّ، ولا تحتاج لوقت لشربها، فهي تشرب في البيت والمقهى أو في المطعم، ويتم عمل الشنينة باستخلاص الدسم من الحليب الطبيعي الطازج وإضافة قليل من الملح
وهناك طريقتان لتحضير الشنينة الطريقة الأولى هي الطريقة البدائية التي لا يزال أهالي الريف يستخدمونها، وذلك بوضع اللبن مع قليل من الماء البارد داخل الشجوة، وهي قربة من جلد الخروف وتبدأ المرأة بهزها أو رجها، وتسبب عملية التحريك هذه توليد حركة دائرية للبن داخل الشجوة ما يؤدي إلى خروج حبيبات الدهن من اللبن مشكلة الزبدة على الأطراف الداخلية للشجوة، وتساعد على تجمع حبيبات الدهن البرودة الناتجة من إضافة الماء البارد مع اللبن، أما المنتج الثاني فهو اللبن ويسمى في دير الزور الشنينة ويشرب غالباً في فصل الصيف لأنه يمنح الإحساس بالانتعاش في الأيام الحارة.
أما الطريقة الثانية فيستخدمها أهل الدير وذلك بجلب اللبن جاهزاً من السوق ووضعه في إبريق وتحريكه مع الماء والملح أو في قارورة ورجها جيداً مع إضافة قليل من الملح والماء، ويفضل أهالي الدير شرب الشنينة مع ثرود البامية أو ثرود الدجاج المصارين أو مع الكباب وغيرها من المأكولات ذات المرق.
وأشار الباحث عباس طبال عن اكتشاف الشنينة بالقول: اكتشف العرب الشنينة مصادفة من قبل البدو، حينما كانوا يحملون الحليب في أوعية مصنوعة من معدة الغنم، فقد تخمر هذا الحليب بفعل جرثومة اللبن الموجودة في معدة الغنم، وساعدت على هذا التخمر حرارة الصحراء وقد انتقل اللبن الرائب أو الشنينة إلى الغرب أثناء الحروب الصليبية.
وقد دخل اللبن الطب الشعبي الحديث في القرن التاسع عشر والذي تحدث عنه سامر السمرا بالقول: «تناول الشنينة يطهر الأمعاء من الجراثيم، كما يساعد على علاج الشيخوخة وتدهور حالة الجسم كغذاء للذين يعملون على إنقاص وزنهم، كما يفيد في طعام الرضع حين البدء بإدخال الأطعمة إلى غذاء الرضيع بدلاً من الحليب».
يضيف: للشنينة فوائد صحية عديدة، فهي تسهم في التخفيف من عسر الهضم وتقاوم الإمساك، كما أنها تساعد على طرد الغازات من الجسم وفي قتل الجراثيم وتنظيف الأمعاء، حيث تعمل الشنينة على تهدئة القولون العصبي وتسكين الآلام الناتجة عنه، كما تحافظ على سلامة أجهزة الجسم من العديد من الأمراض، كالسرطانات وأمراض القلب والشرايين ومرض السكري.
وأشار الرياضي أمجد الحمود عن فائدة الشنينة بالقول: يحب الرياضيون اللبن لأسباب واضحة، فهو مناسب ومغذّ ويهدئ الأعصاب ويقطع العطش خاصة في جو دير الزور الحار، كما يرفع نظام المناعة ويحسّن الهضم، وهو مصدر جيد من فيتامين دي، والبوتاسيوم وفيتامين ب 12، ويساعد على الحماية ضدّ البكتيريا كما يساعد على تخفيف ومنع أعراض الإمساك، ومرض الأمعاء التحريضي وأمور أخرى متعلقة بالمعدة.
اسماعيل النجم