قيامة أسواق دير الزور

 

هل يمكنني القول أن أسواق دير الزور الشهيرة قامت من الموت وبدأت تتنفس؟ هو سؤال طرحناه على الناس هناك وتلقينا عليه إجابات شتى منها المشكك وغير المتفائل ولا تتجاوز نسبة هؤلاء الخمسة من المئة الذين طرحنا عليهم السؤال، أي لا يتجاوزون أصابع اليد  الواحدة.

ويفرد هؤلاء بشكوكهم إلى عوامل عدة منها أن معظم أصحاب المحال انتشروا في أصقاع الأرض بين لاجئين خارج الوطن ونازحين في مدنه الكبرى وهي الشام وحلب واللاذقية وحمص وحماة كما يغردن ذلك إلى مرور وقت طويل نسبيا على تحرير المدينة وريفها من رجس (داعش) الارهابي وهي مدة تزيد على الخمس سنوات دون أن تدب الحياة فعليا في أي واحد من أسواق دير الزور الشهيرة العامرة .

نسبة لا بأس بها من الذين طرحنا عليهم السؤال كانوا إيجابيين ومتفائلين ولو أنهم مترددون بعض الشيء فهم يرون إنجازات كبيرة تم تحقيقها في إعادة قلب المدينة وأسواقها للحياة وربما يترددون لأنهم يرون الدير كانت (غير شكل) وبالمقارنة مع وضعها الحالي فإن الصورة تبدو باهتة وكئيبة ولا تدعو للتفاؤل.

أما أصحاب الكار وأهل الاختصاص فيرون قيامة قريبة لأسواق دير الزور ووسطها التجاري ويثنون على مجلس المدينة ويرون أنه يقوم بإنجازات مهمة نظرا لضعف إمكانياته وموارده البشرية والمالية.

تركيب الشبكة لقلب دير الزور الاقتصادي بدأ من شارع سينما فؤاد بإزالة الأنقاض وإعادة بناء البنى التحتية من تزفيت للشارع بعد إيصال خدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي وتأهيل المحال التجارية وإزالة الأبنية الآيلة للسقوط، ثم الانتقال عموديا باتجاه شارع الميسات (ستة الا ربع) وهو شارع طويل ضيق يصعب العمل فيه نظرا لاكتظاظ المحال الطابقية فوق بعضها البعض ونجح مجلس المدينة بتأهيله من كافة النواحي وقام بتأهيل 58 محلا بشكل كامل بانتظار ايصال الكهرباء لها وإقلاعها وصولا إلى شارع حسن الطه عصب دير الزور التجاري والشارع العام المتقاطع معه، هناك قام مجلس المدينة بتأهيل كافة المرافق من شوارع وأرصفة وصرف صحي وأفسح للأهالي المجال بتأهيل ممتلكاتهم بدعم من الدولة السورية والمنظمات الدولية.

نحن نتكلم عن مساحة كبيرة من الأسواق المتقاطعة والتي تقع في قلب دير الزور وإذا أردت التصور فما عليك إلا أن تقارنها بسوق الحميدية في دمشق وما يتفرع عنها كما نجح مجلس المدينة مؤخرا بإعادة تأهيل السوق المقبي وهي سوق أثرية قديمة وكانت هذه المحلات المشابهة لمحلات مدحت باشا مقعدا للسايح من كل أصقاع الأرض ويتصل بهذا السوق متحف التقاليد الشعبية والحرف اليدوية من جهة وقد أنفقت الدولة السورية مئات الملايين عام 2010 لجعله سوقا تراثيا مسجلا على خارطة التراث الانساني.

ما نريد قوله هنا أن دير الزور بحاجة الآن للتفاؤل أكثر من حاجتها للتشكيك دون مبررات وبحاجة للقيامة من الموت أكثر من حاجتها للنوم متوسدة أنقاضها القيامة بطء وفق الامكانيات المتاحة خير من النوم المؤبد الذي يشبه الموت على أنقاض ذكريات قديمة

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار