الفصام، أو انفصام الشخصية، هو اضطراب يؤثر على طريقة تصرف الناس وتفكيرهم وإدراكهم للواقع. وغالبا ما يكون علاجه صعبا للغاية نظرا لوجود العديد من الأسباب والأعراض المختلفة.
وفي دراسة نُشرت الشهر الماضي في مجلة Cell Reports Medicine، حدد باحثون من جامعة طوكيو للطب وطب الأسنان (TMDU) جسما مضادا ذاتيا، وهو بروتين ينتجه الجهاز المناعي ليرتبط بمادة معينة من جسم الفرد نفسه، بدلا من مادة غريبة مثل الفيروس أو البكتيريا، في بعض مرضى الفصام.
كما وجدوا أيضا أن هذا الجسم المضاد تسبب في سلوكيات شبيهة بالفصام وتغيرات في الدماغ عندما حقنوه في الفئران.
وعند التحقيق في الأجسام المضادة الذاتية المحتملة التي قد تسبب الفصام، كان لدى فريق البحث بروتين معين للأخذ في الاعتبار.
واقترحت الأبحاث السابقة أن جزيء التصاق الخلايا العصبية (NCAM1)، الذي يساعد الخلايا في الدماغ على التحدث مع بعضها البعض عبر الوصلات المتخصصة المعروفة باسم المشابك العصبية، قد يكون له دور في تطور مرض انفصام الشخصية.
ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة هيروكي شيواكو: “قررنا البحث عن الأجسام المضادة الذاتية ضد NCAM1 في نحو 200 مشارك سليم و200 مريض مصاب بالفصام. ووجدنا فقط هذه الأجسام المضادة الذاتية في 12 مريضا، ما يشير إلى أنها قد تكون مرتبطة بالاضطراب في مجموعة فرعية صغيرة فقط من حالات الفصام”.
ولم يتوقف فريق البحث عند هذا الحد، فقد أرادوا معرفة ما إذا كانت هذه الأجسام المضادة الذاتية يمكن أن تسبب أي تغييرات تحدث بشكل شائع في مرض انفصام الشخصية، لذلك قاموا بتنقية الأجسام المضادة من بعض المرضى وحقنها في أدمغة الفئران.
ويقول هيديهيكو تاكاهاشي، كبير المؤلفين في الدراسة: “كانت النتائج مذهلة. على الرغم من أن الفئران كانت تحتوي فقط على هذه الأجسام المضادة الذاتية في أدمغتها لفترة قصيرة، فقد حدثت تغيرات في سلوكها ونقاط الاشتباك العصبي التي كانت مشابهة لما شوهد في البشر المصابين بالفصام”.
وعلى وجه التحديد، كانت الفئران التي تحتوي على أجسام مضادة ذاتية للمريض تعاني من ضعف إدراكي وتغيرات في تنظيمها لردود الفعل المفاجئة، والتي شوهدت في نماذج حيوانية أخرى لمرض انفصام الشخصية.
ولديهم أيضا عدد أقل من نقاط الاشتباك العصبي والعمود الفقري الشجيري، وهي هياكل مهمة للتواصل بين خلايا الدماغ، وتتأثر أيضا بالفصام.
وبالنظر إلى أن مرض انفصام الشخصية يمكن أن يظهر بشكل مختلف تماما بين المرضى وغالبا ما يكون مقاوما للعلاج، فإن نتائج هذه الدراسة واعدة. وإذا كان الفصام ناتجا بالفعل عن الأجسام المضادة ضد NCAM1 في بعض المرضى، فسيؤدي ذلك إلى تحسينات مهمة في تشخيصهم وعلاجهم.