هناك أشخاص يتجولون في الليل، ينهضون من فراشهم ويتحركون داخل الشقة المظلمة وعيونهم مفتوحة. البعض يتوجه إلى البراد ويتناول الطعام. فيما يتحدث البعض إلى أنفسهم أو يصرخون، بينما يقوم آخرون بتنظيف الشقة. وبعد عدة دقائق، يعودون إلى السرير ويواصلون نومهم مرة أخرى ولا يعرفون شيئًا عما حصل إلا عندما يخبرهم الأخرون بذلك.
قد يظن الأخرون أن هذا أمر عادي يدعوا للضحك، لكن الحقيقة هو أنه مشكلة خطيرة، فأحيانًا، يسير هؤلاء الأشخاص إلى سياراتهم ويقودونها وهم نائمين أو يحاولون النزول من النافذة المفتوحة، تبدو المغامرات الليلية هذه مخيفة للغاية ولا تشكل خطرًا عليهم فقط، بل على الأخرين أيضًا.
نصف مستيقظ ونصف نائم :
المشي أثناء النوم ليس مرضًا. بل يعد من الناحية الطبية أحد اضطرابات النوم، حيث يتم مقاطعة النوم بسبب عمليات أو أحداث مفاجئة (منبهات ضوئية أو ضوضاء). مما يؤدي إلى الاستيقاظ بشكلٍ غير كامل، ويكون الشخص مرتبكًا وقد يمشي وهو نائم.
عندما يمشي شخص خلال النوم، تكون العضلات وبعض أجزاء الدماغ مستيقظة، فيما تكون أجزاء أخرى من الدماغ نائمة.
جنون القمر :
جنون القمر هو مصطلح قديم يستخدم لوصف الشخص الذي يمشي أثناء نومه، وذلك لأنه يسير نحو مصدر الضوء. في العصور القديمة، كان القمر هو المصدر الوحيد للضوء في الليل. لهذا السبب، كان الاعتقاد السائد أن من يسيرون أثناء النوم يتجهون إلى القمر. هذا الأمر تغير في عصرنا حيث توجد مصادر ضوء أخرى. لكن من الشائع أن يسير الشخص أثناء نومه باتجاه مصدر ضوئي.
من هم الذين يمشون خلال نومهم؟
معظم الذين يمشون أثناء النوم هم من الأطفال والمراهقين. تشير التقديرات إلى أن حوالي 30 في المائة من جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 – 6 سنوات يمشون أثناء النوم، ومعظمهم من الصبيان.
بالإضافة إلى ذلك، حوالي 17 في المائة من المراهقين و4 في المائة من البالغين يمشون خلال نومهم، ولم يعرف بعد ما هو سبب ذلك.
ومع ذلك، فقد ثبت وجود استعداد عائلي للسير أثناء النوم، فإذا كان أحد أفراد العائلة يعاني مشكلة المشي أثناء النوم، يكون احتمال وجود أفراد أخرين في العائلة يعانون من نفس المشكلة أعلى بعشر مرات. وإذا كان كلا الوالدين يعانون من المشي أثناء النوم، فإن احتمال أن يعاني أطفالهم من هذه المشكلة يرتفع بنسبة 60 بالمائة.
يبدو أن نضج الجهاز العصبي المركزي يلعب دورًا أيضًا. لهذا السبب نجد أن معظم من يمشون في الليل هم من الأطفال وبنسبة أقل المراهقين. كما أن بعض المحفزات مثل التعب أو التوتر أو الضغط العاطفي تلعب دورها. وفي حالات نادرة جدًا، يمكن أن يكون المشي أثناء النوم عند الأطفال نتيجة نوبة الصرع.
يتوقف معظم الأطفال عن المشي أثناء النوم في مرحلة البلوغ. لكن إذا كنت شخصًا بالغًا وعرفت أنك تمشي لمسافات طويلة أثناء نومك، فيجب عليك طلب المساعدة الطبية. يمكن أن يكون السبب أحد الاضطرابات العصبية مثل نوبات الصرع أو متلازمة تململ الساقين.
غالبًا ما تظهر سمات شخصية معينة عند البالغين الذين يعانون من مشكلة المشي أثناء النوم، من بين هذه السمات نذكر ما يلي:
الانطواء تدني احترام ذات التوتر الحرمان من النوم الحمى الألم شرب الكحول أخذ الأدوية التي تحفز الجهاز العصبي .
لا يجب إيقاظهم .
لا ينبغي إيقاظ من يمشون أثناء النوم أو إعاقة حركتهم. فهذا قد يجعلهم مرتبكين أو عصبيين أو عدوانيين أو خائفين عندما يستيقظون، مما يعرضهم ويعرض الآخرين لمخاطر رد فعل غير متوقع.
بدلاً من ذلك، يجب على المرء أن يحاول إعادة الشخص الذي يمشي في نومه إلى الفراش. يجب أن يعامله بهدوء قدر الإمكان وألا يتحدث أو يصرخ عليه بصوت عالٍ لأي سببٍ من الأسباب.
أجعل الشقة آمنة :
يمكن أن يكون المشي أثناء النوم خطيراً ويعرض من يمشون لمخاطر الإصابة أو الحوادث أو القيام بأفعال مؤذية، لذلك، يجب اتخاذ بعض تدابير السلامة حتى لا يؤذي الشخص نفسه.
من أهم تدابير السلامة نذكر:
أغلاق النوافذ والأبواب قبل الذهاب إلى الفراش إزالة العوائق مثل السجاد والكراسي والطاولات إبعاد أي أجسام زجاجية
علاج المشي أثناء النوم :
لا يوجد علاج للمشي أثناء النوم. لكن ثبت أن التدريب على إدارة الإجهاد مع الاسترخاء والتأمل وتقنيات التنفس العميق وممارسة رياضة اليوجا قد تفيد في تخفيف المشكلة.
قد تكون بعض الأدوية مثل البنزوديازيبينات (الديازيبام – كلونازيبام) وكذلك مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (إيميبرامين) ومثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية مفيدة إذا تم وصفها للبالغين. ومع ذلك، من الصعب تحديد مدة العلاج الصحيحة. وقد يكون من الضروري أخذ هذه الأدوية لبضعة أسابيع أو حتى أشهر. وقد يحتاج بعض الأشخاص إلى دورات علاج متكررة.
يمكن أن يكون المشي أثناء النوم أحد الآثار الجانبية للأدوية المضادة للاكتئاب.
الخبر السار هو أن أغلب حالات المشي أثناء النوم لا تستمر وتختفي تقدم العمر.
رقم العدد: 4790