تقف وسط باحة الجامع الأموي بدمشق فوارة مياه في شكل هندسي غاية في الروعة والجمال تمتد قصتها في التاريخ إلى 1049 عاما.
حظي الجامع الأموي باهتمام الفاطميين أثناء حكمهم لدمشق عام 369 هجري 980 ميلادي وكانت نتيجته بحسب الدكتورة مها الشعار في كتابها “المشروعات المائية في سورية في العصور” بناء بركة ماء “فوارة” وسط صحن الجامع وبقيت هذه البركة مثار إعجاب زوار المسجد حيث كان الماء يتدفق من نافورتها غزيرا قويا.
ووصف المؤرخون والرحالة هذه الفوارة بأدق تفاصيلها بما يشي بانبهارهم فيها ومن ابن جبير والحميري الذي ذكر أنها صنعت من النحاس يفور الماء منها بارتفاع قامة الإنسان ثم ينزل في حوض رخامي بديع وفوق الحوض قبة على سطحها فسيفساء فيها صور غزلان.
وتبين تفاصيل الفوارة مقدرة المهندس العربي في تشييد خزان للماء في طرف صحن الجامع فوق احدى الغرف المحيطة به لتامين ضاغط مائي كاف للتغلب على الضياعات الحاصلة في الأنابيب ولتأمين ارتفاع عمود الماء لعلو 72ر1 متر وذلك عبر انابيب معدنية ذات اقطار صغيرة جدا من الرصاص بحسب كتاب “موسوعة وحدات القياس العربية والإسلامية”.
وتهدمت فوارة صحن الجامع الأموي في الزلزال الذي ضرب دمشق عام 1173 هجري 1760 ميلادي وبقيت خرابا نحو عشرة أعوام إلى أن قام والي دمشق عثمان باشا 1183 هجري 1769 ميلادي ببناء بحرة مثمنة وحولها بناء صغير يقوم على ثمانية اقواس في كل جهة قوسان مدببان حملت على ثمانية أعمدة.
وزالت هذه الفوارة تماما من الجامع عام 1390 هجري 1970 ميلادي ثم أعيد تشييدها عندما أعيد ترميم الجامع الأموي عام 1994 مع الأخذ بعين الاعتبار مراعاة تصميم الفوارة عندما بناها الفاطميون لأول مرة.
رقم العدد: 4189