تعد كبة المعصبية الديرية إحدى أبرز الأكلات التراثية في دير الزور، وواحدة من أقدم أصناف الكبب المشوية التي اشتهر بها مطبخ الفرات، ويعرفها كبار السن باسم كبة العَصَب، إذ كانت تُحضَّر على تنانير الحطب حصريًا، ما يمنحها نكهة مميزة لا تشبه أي صنف آخر.
ورغم قربها من المشحمية والمحمرة في طريقة الخبز، فإن للمعصّبية خصوصيتها التي تبدأ من مكوناتها الدقيقة، إذ تعتمد على صريصرة البرغل الناعم جدا، واللحم، واللية المدقوقة، مع بصلة مهروسة وتوابل أساسية كالكمون والكزبرة والعصفر، كما يضيف بعض الأهالي دبس الفليفلة أو عرق النعناع حسب الذوق.
تعجن المكونات باليد حتى تتماسك جيدً، ثم تشكل أقراص رقيقة تلصق مباشرة على جدار التنور، في مشهد يوثق مهارة الديريين في إعداد هذا الطبق، وبعد نضجها تسحب الأقراص بالأدوات التقليدية، ليبدأ بعدها أهم أسرار النكهة، “التكمير” حيث تدهن بزيت الزيتون وتحفظ في “قدرية” (طنجرة) تمنحها طراوتها الشهيرة، بينما كان غمرها بالزيت قديمًا يساعد على حفظها لمدة طويلة لتكون زاد الريف والبادية.
اليوم، ورغم ندرة من يتقن إعدادها، ما تزال كبة “المعصبية” حاضرة في الذاكرة الشعبية كرمز من رموز مطبخ دير الزور الأصيل، فهي ليست مجرد طبق تقليدي، بل قطعة من الهوية الفراتية تستحق الحفاظ عليها وتعرف الأجيال الجديدة عليها.
الفرات