الفروة الرقاوية.. كل غرزة فيها تحمل ذاكرة

يجلس مصطفى الشلح (68 عامًا) في دكانه الصغير بإحدى الحارات المتفرعة عن شارع القوتلي في مدينة الرقة، مستندًا إلى خبرة تتجاوز 45 عامًا في حرفة ورثها عن آبائه وأجداده القادمين من معرة النعمان، وسط رائحة الصوف ودقات الإبرة، يواصل الشلح اليوم سرد حكاية مهنةٍ تكاد تندثر لكنها لا تزال تنبض بالحياة بين يديه.                                تعد صناعة الفروة واحدة من أقدم الحرف الشتوية في الجزيرة السورية، إذ شكلت عبر عقود طويلة جزءاً أصيلًا من هوية الريف والبادية، ومع تطور أساليب التدفئة وظهور الألبسة الجاهزة، تراجعت أعداد المحلات التي ما زالت تصنع الفروة يدوياً، إلا أن الطلب عليها لم ينقطع، خصوصًا لدى أبناء الريف والرعاة وبعض كبار السن ممن يجدون فيها دفئًا لا يعوض.
يشرح مصطفى الشلح مراحل صناعة الفروة، بدءًا من اختيار جلود الغنم والماعز، ثم تنظيفها وتمليسها، وصولًا إلى مرحلة القص والخياطة يدوياً، يستغرق إنتاج فروة واحدة ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام، تبعاً لنوعية الجلد والزخارف المستخدمة، ويؤكد أن هذه المهنة تحتاج إلى صبر ودقة، ورغم ارتفاع تكاليف المواد الأولية وصعوبة تأمين الجلود الجيدة، لا يزال الشلح مصممًا على مواصلة العمل، معتبرًا أن الحفاظ على هذه الحرفة واجب أخلاقي قبل أن يكون مصدر رزق.
ويختم بالقول: الفروة ليست لباسًا فقط، هي قطعة من تراثنا، وكل غرزة فيها تحمل ذاكرة.
الفرات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار