قديماً قالها معاوية بن أبي سفيان نابغة الفنون السياسية والعسكرية: “لا أضع سيفي في الموضع الذي ينفعني فيه سوطي، ولا أضع سوطي في الموضع الذي ينفعني فيه لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت”.
تميزت القيادة السورية ولمعت وعلى رأسها السيد الرئيس أحمد الشرع بإبهارات وإنجازات دبلوماسية اعترف بها الخصم قبل الصديق، وذلك لأنها انتهجت المرونة مع الصلابة في وقت واحد، مرونة في الحوار وآليات الإقناع، وصلابة في المواقف والمبادئ التي تتخذ مصلحة الشعب السوري ومصلحة الوطن شمالاً مغناطيسياً لبوصلتها.
اجتماع ليلي عقده السيد الرئيس في واشنطن مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي براين ماست، ماست إلى جانب ليندسي غراهام هما من أشد المتحفظين على إلغاء قانون قيصر، أي أنهما من الخصوم، لكن سحر الشخصية الكاريزماتية للرئيس أذاب الخصومة بماء دافئ وانقلبت الخصومة حسبما تشير الدلائل إلى إعجاب وقناعة، وتحول ماست إلى شبه مؤيد لأنه كان أمام شعب عانى وتألم وضحى وقاتل كالأبطال في سبيل الحرية وليس أمام رجل بمفرده، كان يحاور ملحمة وليس قائداً عادياً.
السيد الرئيس بدأ حديثه خلال الاجتماع بالتأكيد على رغبة سوريا في السلام لأهلها وللمنطقة، ومن المؤكد أن ماست التقط أول رسالة وهي أنه أمام قائد يبحث عن رخاء شعبه وأمانه وأمام شعب يريد ازدهار المنطقة كلها وإشاعة السلام، وأكد السيد الرئيس على محاربة التطرف وإعادة بناء الاقتصاد، وشدد على أن الاستقرار الاقتصادي هو السبيل لمكافحة التطرف، رسالة ثانية جعلت اللقاء سورياً أمريكياً وليس أمريكياً سورياً.
لقد تعودنا على أن تفرض القيادة السورية بوصلتها بالإقناع والمنطق السليم وبناء المصلحة المشتركة والمنفعة للجميع، على أرضية صلبة وهي دائماً وأبداً مصلحة الشعب السورية وسيادته ورخائه وازدهاره، وما اللقاء مع ماست الذي كان خصماً وصار صديقاً إلا دليل على حسن النهج.
الفرات