كيف حولنا الفولاذ إلى أسطورة

من المؤكد أن ما فعله السوريون في ملحمة التحرير فاق قدرة السياسيين والمحللين والإعلاميين العالميين على التصور، ووصل بهم حدّ الذهول، حتى أنهم راحوا يتخرصون هنا وهناك مخترعين تبريرات تسكت ذهول شعوبهم، ففجأة صارت إسرائيل حليفة للثورة السورية ودعمتها حتى انتصرت بهذا الشكل الملحمي، وفجأة احتضنت الولايات المتحدة ثورتنا واتقفت مع تركيا أن تحررا البلاد!

منذ بداية الثورة والمجتمع الدولي ساكت عن ذبح السوريين، منهم من يكتفي بالتنديد، ومنهم ساكت، ومنهم حليف للمجرم، والكل يبحث عن مصالحه المباشرة من المحرقة، عقوبات على السوريين لم تطل أكابر المجرمين الذين كانوا يسرحون ويمرحون تحت بصر العالم، ومنذ بداية معركة التحرير اتضحت المواقف غير الداعمة لها، وموقف تركيا الحيادي الذي لم يكن لا مع المعركة ولا ضدها.
ومع التقدم الأسطوري المنظم والمندفع والذي تم إعداد قوته بأيادي السوريين وعقولهم خلال سنوات حصارهم التي كان فيها الغرب لا يهتم إلا بتشويه صورة الثائرين ووصفهم بالخطر “الإرهابي”، وراحت دوله بالتدريج تفاوض النظام المجرم لتعيد تعويمه، مع هذا التقدم الذي أثبت خلال ساعات أن قوة هذا النظام مجرد كذبة، فهو حفنة من عناصر مجرمة فاسدة، مهزومة داخلياً، لا تملك ذرة انتماء أو إيمان أو وطنية، كانت مغطاة دولياً ومدعومة من نظام الملالي الذي تفاقمت أزمته داخلياً وخارجياً فترك الشرذمة لوحدها وقد كشف التقدم الأسطوري عنها غطاءها فانفرط عقدها الوهمي، وطارت قلوبها رعباً، فوضعت أذنابها القذرة بين أسنانها المكسرة وسرقت وهربت، ومنها من لا يزال كالجرذان مختبئاً في صرفه الصحي منتظراً عقاب العدالة.
أيام فقط وسقط النظام المجرم بأيدي السوريين الأحرار وحدهم، لا منة لمخلوق عليهم، بالفدائية والبطولة صنعوا ملحمة هي الأنبل في التاريخ، ملحمة جعلت من العذابات والدموع والتهجير والحصار والتجويع والقصف والحرمان بنياناً مرصوصاً من الإيمان والقوة، وسارعت إسرائيل فور سقوط النظام إلى الإثبات للعالم كله بأنه كان حارس حدودها وكلبها البوليسي فحشدت قواتها على الحدود التي خلت من كلابها الحارسة، وبدأت ترغي وتزبد.
لا منة لمخلوق على السوريين الأحرار الذين حرروا بلادهم بدمائهم وبطولاتهم في الوقعات الأسطورية، وحولوا الفولاذ إلى أسطورة، المنة والفضل فقط لله عز وجل، (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم).
الفرات

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار