دير الزور العز.. وحصّالة العينة والبينة

هناك مثل ديري ربما يكون عمره من عمر بلاد الرافدين نفسها يقول: “لا عينة ولا بينة”، وهو يقال للشخص الغائب عن المشهد الحياتي منذ مدة طويلة، سؤال تحببي الطابع: “أين كنت؟ لا عينة ولا بينة!”.
تشهد دير الزور هذه الأيام عمليات جراحية بالأنواع الحرجة كلها، استئصال ورم، تبديل شرايين، زرع نخاع شوكي، فالدير تمت إبادتها جغرافياً وبشرياً بالمعنى الحرفي للكلمة، ولم تتعرض أي مدينة لما تعرضت له من محاولات المحو الجغرافي والبشري والتجويع والتغيير الطائفي.. الخ.
دير الزور التي تطلق لحملة عزها العنان تحاول الاستيقاظ من موت سريري، مدمرة بنسبة تسعين بالمئة، وسكانها غرباء في أرض الله عز وجل، والنسبة القليلة من قاطنيها يقتاتون الأمل.
عندما أطلق الديريون حملتهم كانوا يعون امتدادهم في جزيرة العرب كلها وانتماءهم العشائري الأصيل إليها، لم يتكلوا على غائب لا عينة له ولا بينة، ورغم هذا وضعوا سقفاً متواضعاً حتى يكون العمل أكبر من الأمل، وهذا هو الصحيح.
الدير تصارع اليوم للبقاء كمحافظة مؤثرة على الجغرافيا السورية، ولديها من المشاكل ما لا يوصف، ولا يتخيله عقل الأجيال التي لم تعاصر أيام عزها، حينما كان ضيوفها يعيشون فيها بالمجان ويتركونها وهم أثرياء، من فضل الله عز وجل ثم فضلها.
الدير اليوم بحاجة إلى كل دولار، ولو كان في حصالة طفل، وهي لا تشحذ منا، فالذي خلقها جنة سيعيدها جنة بعد الظلم والعذاب مهما طالا، ونحن أولادها أصحاب الحصالات، أمنا التي وقعت في موت سريري لا نريد لها أن تقول: “وينكم؟ لا عينة ولا بينة؟”
عقبة الخلوف الحسن

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار