مأساة مزدوجة: الجفاف في الحسكة يقضي على الزراعة والثروة الحيوانية

حجي المسواط
في مشهد يكرّر مأساة إنسانية وبيئية تتسع دائرة خطرها عاماً بعد آخر، تتربّع محافظة الحسكة السورية على كرسيّ كارثة زراعية لم تشهدها منذ عقود، حيث يحوّل الجفاف الحادّ آلاف الهكتارات من الأراضي الخصبة إلى مساحات متشققة، تئن تحت وطأة شح الأمطار وغياب الدعم.

فقد أفقد الجفاف الموسم الزراعي بريقه، بعد أن أحالت أشهر من انحباس المطر  أكثر من 700 ألف هكتار مزروعة بالقمح والشعير البعل إلى أراضٍ جرداء، لم تحقق أي مردود إنتاجي يذكر، ما دفع بالكثير من العائلات التي تعتمد على الزراعة إلى حافة الهاوية، وجعل شبح انعدام الأمن الغذائي يلوح في الأفق.

لكن الأزمة لا تتوقف عند حدود الموسم الحالي، بل تمتد إلى استحقاقات الموسم القادم، حيث يجد غالبية المزارعين أنفسهم عاجزين عن تحمّل كلفة الفلاحة والبذار، ما يهدد بتحول مساحات شاسعة أخرى إلى أراضٍ بور، في حلقة مفرغة من تردي الوضع المعيشي وتراجع الإنتاج الزراعي.

وفي ظلّ عجز الحلول المحلية عن تدارك الكارثة، يتجه أنظار الأهالي إلى المنظمات الدولية المعنية بالجفاف والأمن الغذائي، علّها تمدّ لهم يد العون بتأمين بذار القمح والشعير، لإنقاذ ما تبقى من أراضٍ قابلة للزراعة، وحماية المنطقة من خطر مجاعة حقيقية.

ولا تقتصر تبعات الجفاف على القطاع الزراعي فحسب، بل تمتد إلى قطاع الثروة الحيوانية، الذي يشكل عصب الحياة لآلاف الأسر في منطقة الجزيرة السورية، حيث يحذر مربون وخبراء من خسائر فادحة في الثروة الحيوانية، في حال استمرار انحباس الأمطار وعدم تأمين الأعلاف والمياه من مصادر بديلة.

ويطالب الأهالي الجهات المعنية، المحلية والدولية، بتحمّل مسؤولياتهم، عبر دعم مستوردات الأعلاف، وتأمين مياه الري، وتقديم تعويضات عاجلة للمزارعين، قبل أن تتفاقم الأزمة إلى مستوى لا تحمد عقباه.

فهل ستتحرك المنظمات الدولية قبل فوات الأوان؟ أم أن الحسكة مقبلة على كارثة إنسانية جديدة تُضاف إلى سجلّ المعاناة السورية؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار