في مشهدٍ إعلاميٍ اتّسم بالتقلبات والغياب في مناطقنا الشرقية، ظلّت صحيفة الفرات تمسك بجمر المسؤولية منذ انطلاقتها عام 2004، رافعةً راية المصداقية، ومُصرّة على أن تكون صوت المواطن لا صدًى للمكاتب المغلقة.
بين مدنٍ ثلاث تتوزع عليها همومٌ ثقيلة – الحسكة، دير الزور، والرقة – دأبت الفرات على الحضور لا بالحبر فقط، بل بالموقف، والمسؤولية، والتماس المباشر مع الشارع.
تنقّل مراسلوها بين القرى والبلدات، سجلوا بالعدسة والقلم مشاهد العطش، ووجع الإيجار، وصوت احتجاج أصحاب المحلات، وصرخات الأمهات عند مشفى لم يلتفت له أحد.
لم تكن الأخبار رفاهية في هذه الجريدة، بل مرآة تُسلّمها الصحيفة للحكومة كي ترى الواقع على حقيقته.
ثمانية أشهر مرّت على انتهاء حقبة النظام البائد التي كبّلت الإعلام الوطني، وفيما اختارت مؤسسات كبرى الغياب أو الصمت، بقيت الفرات تنبض، وتصدر، وتنشر، وتُنبّه.
لم تتوقف عن أداء دورها يوماً، ولم تُغلق بابها أمام الناس، بل كانت – ولا تزال – المنبر الحكومي الوحيد الذي بقي على تواصل مع محافظة الحسكة.
ليس المديح غايتنا، فنحن في الفرات لا نكتب عن أنفسنا كثيرًا، ولكنها شهادة للزمن: أن العمل الصحفي حين يكون نزيهًا ومسؤولًا، يتحول إلى خدمة عامة، لا إلى وظيفة.
واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نعيد التأكيد على التزامنا الكامل تجاه المواطنين في الشرق السوري. لن نُجامل مسؤولاً، ولن نُهمل مواطنًا. وسنبقى، مهما تغيّر الزمن، نكتب… لأن الحقيقة لا تُؤجَّل
حجي المسواط