لا تترك لهم الحبل على الغارب!

يجوز لي ولغيري “الانتصاص” من الحديث الشريف، وطالما اباح الفقهاء ذلك، بمعنى توظيف النص بقوته وجزالته في بناء عبارة حديثة الدلالة، وهنا أتكلم عن تركة النظام البائد على المستوى الثقافي والمعرفي، ” لم تصاحبه لستين عاماً، وأدبته بأحد عشر يوماً، فلا تترك له الحبل على الغارب!”.
في تحقيق ثقافي للفرات قمت باستقصاء آراء عدد من أصحاب التجارب الثقافية والإعلامية، من ابناء دير الزور الخارجين على قوانين القفص القمعي، وكان ثمة سؤال في التحقيق عن إمكانية إعادة تدوير مثقفي السلطة البائدة، الدفينين تحت شعاراتها، والعاضين على الأصابع ندماً على أنهم لم يكونوا من المساهمين في الثورة ولو بشق كلمة.
من سألناهم وأدلوا بدلوهم، وجميعهم ممن تعرض للاعتقال والنفي والتهجير، أجمعوا على شبه استحالة إعادة التدوير، مع التأكيد الكامل أنني ، وهم أيضاً، استخدمنا مصطلح “إعادة التدوير” ليس كإهانة، فاللغة الانتقامية هي آخر ما نريد في الثقافة الجديدة، ولم يدعوا هم ولا غيرهم من المثقفين الثوريين الذين بدؤوا يستعيدون المنابر في البلاد إلى اقتصاص ولا قطيعة، بل دعوا مثقف السلطة البائدة إلى الاعتراف بخيانة الضمير والعقل السوري، عبر الصمت عن المحرقة، مستخدمين حجة أضعف الإيمان، أما الصوت الداعم للمحرقة فكان أشد الكفر.
عن الصامتين على الموت نتكلم، الذين يحتاجون إلى إعادة اختبار للحبل السري الذي يربط بينهم وبين وطنهم الأم، وألا نترك حبلهم على الغارب، على مبدأ أن كل تائب من أهل البيت ” وإن زنا وإن سرق وإن رغم أنف أبي ذر” فالحلة في الدين غير الحالة عند من خان يمين ويسار المثقفين.
عقبة الخلوف الحسن

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار