لم يكن الخليفة الأموي “هشام بن عبد الملك” يمكث في الرقة طويلاً، إذ سرعان ما يغادرها إلى البادية، ليقيم هناك في القصر المعروف باسمه، والطريق الذي يسلكه الخليفة إلى “الرصافة” هو طريق مختصر سمّي “طريق هشام”.
وكتب الاستاذ والباحث محمد العزو عن هذا الطريق بالقول: الطريق بين الرقة و الرصافة غير الصحراوي كان مسلوكاً قبل أن يؤسس الخليفة الأموي الطريق الصحراوي وكان يسمى بطريق ديوقلسيان، ويذكر أن الطريق الصحراوي المختصر بين الرقة و الرصافة كان مرصوفاً بالحجارة البيضاء (الدبش) بأمر من الخليفة هشام، وما زالت هناك آثار ودلائل تشير إلى ذلك يلحظها المار جنوب بلدية قرية كسرة شيخ الجمعة.
والجدير بالذكر أن هذا الطريق يمر في بعض الأودية الهامة، وتكتنفه العديد من التلال التي يتوقع أن تكون تلالاً أثرية، وبالقرب من الطريق الصحراوي شرقاً يوجد موقعان أثريان الأول: يسمى “القبو الصغير”, والثاني “القبو الكبير” وهي تسمية محلية، لأنهما يقعان تحت مستوى الأرض فيبدوان كالقبوين، ولا يختلفان إلا بالحجم، والقبو الكبير كالصغير، يدل على أنه استراحة كبيرة من الفترة البيزنطية في سورية، حيث كانت تُوفر للمسافرين الماء والطعام والراحة، فهناك منشآت قائمة، وبئر روماني قديم، وجدران تجاور القبو الكبير، لا بد أنها تضم منشآت النوم والاستراحة والإطعام، وربما كانت إحدى نقاط المراقبة للطريق المذكور، ومن المعتقد وجود مواقع أخرى مماثلة إما أنها اندثرت، أو مازالت تحت التراب. وتم رصد بيت سكن حديث متهاوي مشيد من مادة اللبن الطيني غير المحروق تبين لنا فيما بعد أنه كان مخصص لبعثة أثرية نقبت موقع القبو الكبير في فترة الإحتلال “الفرنسي” لسورية. وقد تعرض هذان الموقعان إلى تخريب شامل متعمّد، وليس بهدف التنقيب الأثري المنهجي، وقد حطم المخربون اللصوص الكثير من الصخور وثقبوها، أو فتتوها في آليات كبيرة، كما يظهر، ما يدل على أن من فعل ذلك لابد أنه يملك آليات ثقيلة قريبة من الموقع، أو ممن يشتغل في تعبيد الطرق في المنطقة المجاروة لهذه لأوابد الأثرية الهامة، وفي زياراتنا نحن من تحف الرقة الوطني السابقة قبل عام/2011/م كان ثمة حجر كبير في الموقع عليه كتابة سريانية، افتقدناه في الزيارة الأخيرة للموقع، ولم ينجُ حتى البئر الروماني المحاذي للموقع من التخريب. كان بالإمكان ترميمها وتأهيلها تماشياً مع إعادة إحياء طريق الرصافة القديم، حتى تشكّل مع الرصافة والتلال الأثرية نقاط جذب سياحية مميزة ومستدامة على طول الطريق الصحراوي القديم من الرقة إلى الرصافة
الفرات
قد يعجبك ايضا