جنوب الحسكة على شفير الانهيار المعيشي – العطش، الظلام، والجفاف يطوقون الأهالي

جنوب الحسكة على شفير الانهيار المعيشي – العطش، الظلام، والجفاف يطوقون الأهالي

في جنوب محافظة الحسكة، الممتدة من أطراف المدينة وحتى تخوم دير الزور، لا يبدو أن الحياة تسير على وتيرتها الطبيعية. فالأهالي هناك يرزحون تحت وطأة أزمة معيشية خانقة، يتشابك فيها شح المياه مع انقطاع الكهرباء، والجفاف مع تهديد الأمن الغذائي، في مشهدٍ يزداد قتامة يوماً بعد يوم.
فالعطش عنوان المرحلة – المياه تُشترى بآلاف الليرات…….
في قرية العطالة الواقعة جنوب مدينة الشدادي، يقول خلف العبدالله وهو رئيس جمعية فلاحية
“لم نشرب من مياه الشبكة منذ أكثر من فترة… نعتمد على الصهاريج التي تبيع المياه بسعر خيالي. وصل سعر خزان المياه الواحد إلى 60 ألف ليرة، وهو ما يعادل نصف دخل شهري لأغلب العائلات.”
الأزمة تفاقمت بعد توقف محطات الضخ التي كانت تعتمد على الكهرباء النظامية أو المولدات، نتيجة ارتفاع كلفة التشغيل، ونقص مادة المازوت المدعوم. وفي محاولة يائسة، لجأت بعض القرى إلى بناء محطات تحلية تعتمد على الطاقة الشمسية، لكنها غير قادرة على تلبية الطلب كما أن مستلزمات العمل الزراعي غير متوفرة واذا توفرت لايقدر على ثمنها الفلاح إضافة إلى تهالك الطرق بالمنطقة حيث انه منذ عدة سنوات لم تتم صيانتها
ظلام دامس – الكهرباء من الماضي…..
في حي السبع وأربعين، لا يكاد السكان يذكرون آخر مرة حصلوا فيها على التيار الكهربائي لأكثر من ساعتين متواصلتين.
المهندس خالد العبيد، موظف سابق في شركة الكهرباء، يقول:
“أبراج النقل تعرضت للسرقة مرات عدة، والأسلاك النحاسية باتت هدفاً للنهب من قبل عصابات مجهولة. مشاريع الصيانة لا تجد تمويلاً كافياً، وحتى إذا توفر، هناك ضعف في الحماية الأمنية على خطوط الشبكة.”
النتيجة: المستشفيات الصغيرة باتت عاجزة عن تشغيل الأجهزة الحيوية، والمدارس توقفت عن استخدام الحواسيب، والطلاب يدرسون على ضوء الشموع أو مصابيح البطاريات.
الجفاف يهدد الماشية والخبز معاً…..
في بلدة مركدة، يُواجه مربو الأغنام تحدياً وجودياً. المراعي جفّت بالكامل، والأعلاف أصبحت ترفاً لا يمكن تحمله.
أبو سعيد، راعٍ من المنطقة، يروي بحزن:
“كنت أملك 120 رأس غنم، وبعت نصفها خلال الأشهر الماضية لأتمكن من شراء علف لبقية القطيع. إذا استمر الوضع، سأبيع الباقي، وأهاجر.”
الجفاف لم يضرب الماشية فقط، بل أيضاً محاصيل القمح والشعير، التي تشكّل العمود الفقري للأمن الغذائي في الجزيرة السورية.
مناشدات من دون صدى…..
رغم تكرار النداءات، فإن السكان يشعرون بأنهم تُركوا لمصيرهم.
يقول الشيخ نواف العلي، أحد وجهاء المنطقة:
“نطالب الجهات المعنية بإعادة تأهيل البنى التحتية، تقديم دعم مباشر للفلاحين والمربين، وحفر آبار مياه جديدة بإشراف هندسي سليم. هناك خطر حقيقي من نزوح جماعي إذا استمر الوضع بهذا الشكل.”
تحليل الأسباب: تقاطع الأزمات السياسية والاقتصادية
تتداخل عدة عوامل في تعميق الأزمة:
غياب التنسيق بين الإدارات المحلية في شمال شرق سوريا.
والعقوبات الاقتصادية التي تعرقل استيراد المواد الضرورية للمشاريع الخدمية.
إضافة الى ضعف الدعم من المنظمات الدولية، التي تركز جهودها في مناطق النزاع النشط أو المخيمات.
كما أن تغير المناخ، الذي أدى إلى شح غير مسبوق في الأمطار.
مستقبل غامض…..
تُواجه الحسكة الجنوبية مأزقاً خطيراً، وقد يكون قابلاً للتوسع نحو مناطق أوسع إن لم يتم تداركه سريعاً. فالناس هناك لم يعودوا يطالبون بتحسين سبل العيش، بل فقط بإمكانية الاستمرار فيه.
حجي المسواط

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار