لا يخفى على كل قارئ للتاريخ أن انتصار الثورات يعقبه عقبات كثيرة داخلية وخارجية تعيق مسيرة نجاح صناع الثورة في رسم واقع البلاد الجديد، وتسعى لتغيير مسار عجلة التطوير بعد أن انتصرت إرادة الشعوب.
وإن كان طريق الثورة السورية شاقاً وتطلب تضحيات كبيرة بذلت طوال أربعة عشر عاماً، فإن العقبات التي تواجه الدولة السورية منذ انتصار الثورة تبدو في السياق الطبيعي والإطار المتوقع على صعيد القراءة النظرية لمسير الثورة، لكن ما يصدر من مواقف وتصريحات من قبل بعض ممثلي المكونات السورية التي يفخر كل السوريين بتنوعها وغناها العرقي والديني والطائفي كانت مفاجئة وصادمة، على اعتبار أنها غريبة عن النهج الوطني السوري والتعايش السلمي الذي ظل محافظاً على حضوره رغم كل محاولات النظام البائد استغلال ورقة الطائفية للاستمرار بسيطرته ومواصلة قمعه للشعب السوري الذي ظل بغالبيته متمسكاً بالحالة الوطنية ورافضاً رغم القمع ولو بالخفاء لكل ممارسات وخطاب النظام الطائفي.
وما تشهده محافظة السويداء اليوم من أحداث تسبب بها بعض الأشخاص الذين يسعون لتنفيذ أجندات خارجية بعيدة عن مسار الثورة، وعن حقيقة أبناء المنطقة الذين ظل معظمهم وعلى مدار السنوات السابقة متمسكاً بهويته الوطنية، بل ويفتخر بانتمائه الوطني السوري، ولم ينجر لأي حالة طائفية حاول النظام البائد خلقها.
ولأن الثورة كما يقال كاشفة، فإن أصواتا تصدر اليوم من الجبل، تخالف الإجماع الوطني وتنادي بالطائفية وتسجدي تدخل المحتل الذي كان وما يزال عدوا لكل السوريين، لمواجهة الواقع الجديد الذي أنجزته الثورة بعد انتصارها، هذه الأصوات التي لا تمثل إلا نفسها أو ثلة قليلة من أبناء السويداء، يستغلها اليوم أعداء الشعب السوري لتشويه انتصار الثورة وتصوير سوريا بغير الصورة الحقيقية التي تعيشها.
ما جرى في السويداء وعدد من المناطق التي يتواجد بها أبناء الطائفة الدرزية الكريمة، والذين هم أبناء سورية وانتمائهم الوطني أكبر بكثير من أي انتماء أخر، لن يكون حجر عثرة على طريق إعادة بناء سوريا واستكمال إنجاز مكاسب ثورة شعبها الذي انتصر على الظلم والطغيان، ولن تكون سوريا إلا واحدة موحدة، ومن يستجدي المحتل للاستقواء على أبناء وطنه لا يمثل إلا نفسه، ولن يكون في النهاية إلا خاسراً، وننصحه أن يعود إلى رشده فالتاريخ يدون على صفحاته كل المواقف، ولا نتمنى أن تقرأ الأجيال القادمة، أن معقل المجاهد “سلطان باشا الأطرش”، خرج منه من يصف دولته بالعدو وسعى لتقسيم البلاد واستجداء التدخل الخارجي
الفرات