في الخامس والعشرين من أيلول عام 2012، ارتكبت قوات النظام المجرم أبشع المجازر بحق أبناء مدينة دير الزور، عندما سيطر المتظاهرون السلميون على المدينة، فأراد النظام المجرم كسر إرادتهم، وفي حيَّي الجورة والقصور في دير الزور، قُتل مئات المدنيين ذبحاً وحرقاً في الأفران وإعداماً ميدانياً على الجدران.
مرتكبو المجزرة كانوا عناصر اللواء “105” التابع للحرس الجمهوري، يقوده المجرم عصام زهر الدين والمجرم علي خزام وكلاهما قتلا ونفقا في دير الزور فيما بعد إلى جانب الفرقة الأولى وعناصر من أفرع النظام الأمنية، وميليشيات طائفية واستمرت عدة أيام، وراح ضحيتها نحو 500 شهيد، أغلبهم من الشباب تحت سنّ الأربعين، وقتل فيها كاتبان من أكبر كتاب دير الزور، حيث قتل الأديب والروائي رشيد رويلي وتركت جثته لتتعفن في الشوارع، وأعدم الأديب والروائي ابراهيم خريط مع أبنائه رمياً بالرصاص على الجدار، ثم سحلت جثثهم وألقيت في الطريق أسوة بجثث عشرات الشهداء.
وكان يقود اللواء “105” أكثر ضباط النظام وحشية ودموية، علي خزام (قُتل أواخر عام 2012 في دير الزور)، وعصام زهر الدين (قُتل في دير الزور أواخر عام 2017)، وبدأت المجزرة بقصف مدفعي لحي الجورة وحي القصور قبل تقسيمهما من قبل قوات النظام إلى عدة قطاعات بأرتال عسكرية مدججة بالعتاد والعناصر، لتبدأ بعدها عملية التنكيل بالسكان بـطرق وحشية.
تقول تفاصيل المذبحة أنه في يوم الثلاثاء الأسود وجد الأهالي بعد انتهاء المذبحة 20 جثة لأشخاص أُحرقوا داخل المشفى الميداني بالجورة، و30 جثة في منطقة طب الجورة، و10 جثث قرب معمل البلاط، و30 قرب جامع قباء، و15 داخل منزل في شارع الوادي، و15 داخل مسجد المهاجرين في الطب، و15 داخل مسجد سدرة المنتهى، و5 داخل مدرسة الثورة، وأكثر من 50 جثة قرب معسكر الطلائع، و5 جثث داخل حديقة الجورة، و40 جثة قرب المدرسة النسوية، و8 داخل مخبز النعمة، و4 أشخاص أُحرِقوا داخل سيارة، و4 جثث قرب مخبز خالد بن الوليد.
ثم اكتشف الأهالي 84 جثة في منطقة المقابر عند المدينة الجامعية لجامعة الفرات، يعود معظمها لأطفال ونساء وشيوخ أُعدموا ميدانياً، وإلى اليوم لم تتكشف حقيقة المجزرة كاملة، وهناك أسماء لقتلى لم يستطع أحد توثيقها، لأنها دُفنت خارج الحيّ.
المجزرة حينها كانت مروعة جداً، إذ أُخرج الأهالي من المنازل وأُعدموا ميدانياً على الجدران، وقُتل قسم منهم في قسم الجبل خارج حدود المدينة، قُتل ناس بطرق وحشية من خلال الذبح بالسكاكين وإلقاء آخرين في نار أفران الخبز، وقُتل بعض الأطباء والناشطين في الشوارع، من ضمنهم الناشط محمد العسكر، في أثناء خروجه من المنزل، والدكتور حيدر الفندي داخل مستشفى ميداني ضمن قبو.
كان الهدف من المجزرة كان كسر إرادة المحافظة، باستخدام أبشع وسائل القتل الجماعي لأن المتظاهرين السلميين تمكنوا من طرد عناصر النظام ومخابراته، وكان الرد على السلمية هو الحقد والهمجية التي كان الرد عليها هو الدفاع عن النفس وطرد عصابات الأسد بالسلاح من معظم محافظة دير الزور لاحقاً.
صحيفة الفرات