على بعد 80 كم من دير الزور يقع جبل مرقدة والذي يضم رفات الأرمن وترجع تسميته إلى الرقود بعد مجزرة الدولة العثمانية عام 1915م.
وقال المعمر جورج فريم الذي تحدث عن مرقدة: تم اكتشاف هذا المكان أثناء الحفر لإنشاء الأساس لمدرسة ابتدائية حكومية تقع على الطريق العام بين دير الزور والحسكة، وهي عبارة عن هضبة كاملة من العظام يكفي أن تحرك التراب بيديك لترى العظام مدفونة على تلّة ارتفاعها 20 متراً كلها عظام، فتصور.
وأضاف: في كل عام يقصد الأرمن دير الزور من كافة أصقاع الأرض تخليداً لشهدائهم المدفونين على أرضنا الطيبة يزورون ضحاياهم ويتلون الصلوات في ذكرى مذبحة الأرمن الشهيرة واعتبرت آخر مرحلة من مراحل التهجير والإبادة التي وقعت بتاريخ 1915م.
ويشير الباحث عواد الجاسم حول مدينة جبل مرقدة بالقول: في كل عام يقوم الحجيج الأرمن بزيارة كنيسة شهداء الأرمن بدير الزور ومن ثم يتوجهون إلى جبل مرقدة الواقع بين دير الزور والحسكة وهو بمثابة مقبرة جماعيّة يبحثون فيه عن رفات أجدادهم، وترجع تسميتها مرقدة إلى الرقود حيث رقد فيها الأرمن الرقود السرمدي وذلك بعد مجزرة 1915 التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن.
وأضاف الجاسم: يوجد في البلدة ضريح رمزي في أحد المواقع التي شهدت عملية تصفية للأرمن أثناء نقلهم من جنوب تركيا إلى دير الزور، كما يوجد فيها جبل الحمة حمة ماكسين حيث قال الشاعر حميد الوافي عنها:
ولقد بحمة ماكسين ذكرتها/ أنثى ولكن ليس كالفتيات
ومازال الأرمن إلى اليوم يرددون عبارة شهيرة: لولا دير الزور لما بقي أرمني واحد على وجه الأرض.
ويبين السيد عزيز عبد الله بالقول: اشتهرت كنيسة الشهداء الأرمن في دير الزور وجبل مرقدة بالحجيج إليها في كل عام، والكنيسة تعتبر من الأماكن المهمة في دير الزور، وبنيت عند قدوم الأرمن إلى سورية عام 1900م، لكن جرى إعادة أعمار لها في/1991 وهي كنيسة جميلة تخفي مقبرة، وقد أرسلت أرمينيا هدية متميزة بمناسبة بناء هذه الكنيسة والهدية هي شاهدة قبر حجرية نقش عليها الصليب وهو شعار عذابات المسيحيين، مسيحيو الشرق في العام 1915 وخاصة الأرمن ومثلهم السريان والكلدان والآشوريون الذين اجبروا على الاشتراك في وليمة تحوي طبقاً واحداً مترعاً بالدم.
وأضاف عبد الله: في واجهة الكنيسة لوحة جدارية نقش عليها بالعربية العبارة التالية: شيد هذا الصرح المقدس تخليداً لذكرى شهدائنا وتمجيداً للصداقة بين الشعبين الأرمني والعربي وعرفاناً بفضل الجمهورية العربية السورية في نصرة الشعب الأرمني، وكانت هذه اللوحة الجدارية هي أقل ما يمكن من موجبات الاعتراف بالفضل، فضل السوريين عموماً ودير الزور خصوصاً، فسورية قدمت للأرمن المأوى والحماية والمدرسة والكنيسة والهوية وجواز السفر، وقاسمتهم رغيف خبزها وزادها في يوم محنتهم الرهيب في العام 1915م.
وتابع: في أسفل الكنيسة صالة يرتفع منها عمود يخترق منتصف الكنيسة هو عمود الانبعاث وقد دفن في أساسه بقايا من عظام الشهداء التـي انتشلت من الشدادة وصوار ومرقدة ودير الزور, لتكون شاهدة على تلك المذابح ولتعبر عن تمسك الشعب الأرمني بالحياة ونضاله من أجل البقاء والاستمرار. كما تحتوي الصالة على واجهات لعرض الكتب والمنشورات والصور الوثائقية التي تحكي معاناة الشعب الأرمني أثناء المجازر, بالإضافة إلى خريطة تبين مراكز الإبادة ومسحاً كاملاً لطرق النفي التي تعرض لها الشعب الأرمني.
وختم عبد الله: بعد خروجنا من الكنيسة لنتجه نحو جبل مرقدة مررنا بالفرات الذي له قدسية في قلوب الأرمن، لأنه تحول إلى نعش ضم عشرات الألوف من أجساد شعبي، بعد ملاحقة العثمانيين لهم حيث قاموا بإلقاء أنفسهم في نهر الفرات خوفاً من بطش العثمانيين فأصبح مقدساً للأرمن.
يذكر أن بلدة مرقدة بلدة تتبع لمحافظة الحسكة، تبعد مسافة 105 كم عن مدينة الحسكة و80 كم عن دير الزور، تقع على الطريق الرئيسي الواصل بين الحسكة ودير الزور، حيث يقسمها الطريق إلى قسمين شرقي وغربي، تبلغ مساحتها 306 هكتارات، وأغلبية سكان البلدة عرب من قبائل من العقيدات والجبور وعشيرة المشاهدة الحسينية.
الفرات