دكة رمضان.. مملكة فتيات دير الزور المنقرضة

 

دكة رمضان من الطقوس التي كانت تمارسها الفتيات في دير الزور، وأصبحت من الذكريات.. إذ هناك العديد من الطقوس والعادات التي كان أهالي دير الزور يمارسونها في شهر الصيام المبارك، وبعضها مازال يمارس حتى في وقتنا الراهن، في حين بقي بعضها الآخر كذكرى.

تقول إحدى السيدات: كنا نعتبر في ما مضى دكة رمضان مملكتنا الخاصة بنا نحن الفتيات، فقد كانت فتيات الحي يجتمعن قبل أيام من حلول شهر الصيام لبناء دكة لنا لنجلس عليها ونتناول فطورنا في أول يوم، وكل فتاة تحضر معها طبقاً من الطعام من بيت أهلها ويوضع على الدكة وننتظر موعد الإفطار لتناول الطعام معاً، ونجتمع حوالي عشر فتيات أو أكثر ومن ينظر إلى الدكة يجدها ممتلئة بأصناف متنوعة من الطعام.

كنا نتنافس مع الأحياء الأخرى في بناء الدكة، ومن دكته الأجمل، فلكل حي دكته الرمضانية المميزة والتي تتفنن في بنائها الفتيات، وبناء الدكة ليس بالأمر السهل فهي تحتاج إلى التعاون من الجميع وهذا العمل يتطلب عملاً وجهداً متواصلين لمدة أسبوع كامل، حيث نتقاسم العمل فيما بيننا نحن الفتيات، البعض يحضر الحجارة وبعضهن يجمع الرمل أو التراب وهناك من يقوم بعجن الرمل مع الماء ليصبح طيناً حتى تصبح الدكة جاهزة للجلوس فوقها وجميلة المنظر.

بينما تبين سيدة أخرى العادات القديمة بالقول: في دير الزور يستعد الأهالي لشهر رمضان قبل عدة أيام من قدومه بممارسة الكثير من الطقوس والعادات ويكون الحديث عن هذا الشهر الشغل الشاغل فيما بينهم ومن الطقوس التي كانت تمارسها أمهاتنا وجداتنا قديماً، بناء دكة رمضان وكنت استغرب عندما تتحدث والدتي عن الجهد الذي كانوا يبذلونه في بناء هذه الدكة وفي النهاية ليجلسن فوقها ويتناولن إفطارهن في أول يوم من هذا الشهر، ولكنها كانت تفسر لنا سبب هذا العمل لما تراه من علامات الاستغراب على وجوهنا بأنه لم يكن في زمانهم وسائل ترفيه كما في وقتنا الراهن لذلك كانت الدكة هي وسيلة الترفيه لهن وليس فقط لمجرد تناول الطعام وإنما لتمضية الوقت والتسلية وممارسة بعض الألعاب وتبادل الأحاديث والقصص.

دكة رمضان طقس رمضاني خاص بالفتيات على الرغم من مساعدة بعض الصبيان لهن في بنائها، ولها مواصفات معينة من الدقة في البناء، والدكة هي المصطبة أو الشيء المرتفع عن الأرض وسميت دكة رمضان لأنه يتم بناؤها فقط في شهر رمضان، ومواصفاتها أولاً اختيار المكان المناسب لها ويجب أن تكون بطول ثلاثة إلى أربعة أمتار وبعرض متر واحد والارتفاع يكون بين العشرين إلى الأربعين سنتيمتراً، والمواد المستخدمة في بناء الدكة الرمل والحجر والماء حيث يتم عجن الرمل بالماء ليصبح طيناً وترتيب الحجارة بشكل منسق وتغطيتها بالطين وتترك إلى أن تجف وتصبح صالحة للجلوس فوقها، ودكة رمضان من الطقوس التي لم تعد تمارسها الفتيات في دير الزور وذلك بسبب توافر الكثير من وسائل الترفيه البديلة كالتلفزيون والقنوات الفضائية الكثيرة والانترنت وغيرها من الوسائل والتي أدت إلى زوال هذا الطقس الجميل من طقوس رمضان وبقائه في ذاكرة أمهاتنا وجداتنا فقط

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار