مقهى (كرمز) بدير الزور.. كأس شاي أو عشرة بنفس الفاتورة!!

 

كان مقهى (كرمز) يعتبر أحد أشهر المقاهي الشعبية بدير الزور، وأغلب رواده من كبار السن أو من هم في عجلة من أمرهم، ومن الطريف فيه أن أسعاره كانت ثابتة (نفس الفاتورة) ولو تعددت الطلبات.

وسبب تسميته يعود إلى قُصر أرجل الكرسي، إذ يبلغ ارتفاعه ما بين 40 إلى 50 سم، والذي يكون مصنوعاً من الخشب أو الحديد، وهناك (الطبلة) والتي تعني طاولة يوضع المشروب عليها، وتكون أعلى من الكرسي بقليل. قديماً سُميت (الكرمز) لعدم توافر كراسي الجلوس، إذ كان روادها يجلسون القرفصاء بشكل دائري إذا كانوا جماعةً أو بشكل منفرد منتظم إذا كان القاصد وحيداً، يمتاز ذلك النوع من المقاهي برخص مشاريبه، ومن الطرافة أن بعض هذه المقاهي يأخذ مبلغاً موحداً من أي شخص يرتاده سواء طلب كأس شاي واحدة أو عشر كؤوس.

عرفت دير الزور بمدينة (الجراديق) (وهي المطاعم الشهيرة على النهر وتحت الجسر المعلق)، ومدينة المقاهي؛ لكثرة ما تضم من مقاه حتّى قيل: إن بين كل مقهى ومقهى هناك مقهى، وهذا الأمر لم يأت من عبث، بل فرضته طبيعة المحافظة التي تتميز من باقي المحافظات السورية بطابعها الاجتماعي والعشائري، فجميع أبناء المحافظة مترابطون بعضهم ببعض، فأواصر القربى والمصاهرة تجعلهم أكثر قرباً واتصالاً، والجميع متعارفون هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الأعمال والعادات تفرض التواصل واللقاءات اليومية خارج البيوت؛ بسبب مناخ المحافظة القاسي، ومن هنا نشأت ليكون اللقاء منتزهاً وفسحةً لتبادل أطراف الحديث.

يظنّ الكثير أنّ أصل الكلمة (كرمز) تركي؛ لوجود هذا النوع من المقاهي في تركيا من أيام العثمانيين ولتشابه الكلمة ببعض الكلمات التركية الموجودة حالياً في لهجتنا، ولكن الأصح أن أصل كلمة (كرمز) بالكاف الفارسية هو (قعفز) باللغة العربية الفصحى يقولون: جلس القعفزى وهي جلسة المستوفز أي المستعجل كما ورد في معجم لسان العرب، ومع مرور الزمن تحولت الكلمة إلى قعمز أو قرمز أو كرمز والكلمة ذاتها موجودة في بلدان عربية عديدة وببعض المناطق الصحراوية يقولون قعمز باستبدال الفاء ميماً والمعنى واحد.

ويمتاز مقهى (كرمز) باستقبال زبائنه منذ الصباح الباكر، والسبب يعود إلى نشاط كبار السن واستيقاظهم باكراً، لتروى بين كراسيها أحاديث وقصص ما يدور من نسيج المدينة الاجتماعي والذاكرة الشعبية بين أبنائها حتّى إن متحف المدينة الجديد يضم قاعة خصصت لعرض نموذج للمقهى الديري الشعبي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار