صناعة البسط بدير الزور.. مهنة تضم أفراد العائلة

صناعة البسط في دير الزور هي صناعة يشارك بها جميع أفراد العائلة، الرجال والنساء والأطفال، اشتهرت صناعة البسط في معظم ريف دير الزور وخصوصاً الموحسن، وحطلة، والبوعمر، والبوليل، وكذلك في ريف البوكمال وهجين وتعد صناعة البسط من المهن المنزلية لذلك تعنى المرأة في الريف بمهمة تهيئة صوف الأغنام والأقمشة للغزل لتقوم فيما بعد بتحويلها إلى خيوط بسماكات مختلفة عبر سحبه وفتله عدة مرات للوصول لدرجة الثخانة المطلوبة وتستخدم هذه الغزول لنسج حاجات الأسرة من المفارش والأغطية.

يقول أحد الصناع: في الماضي كان لا يوجد بيت يخلو من هذه المفارش أما في الوقت الحالي فصارت البسط التي نشتغلها تعد من القطع التراثية والطلب عليها خصوصاً في الخليج العربي والدول الأوروبية، وتدر هذه الصناعة أرباحاً كبيرة على العائلات التي تعمل بها، حيث تباع أحياناً القطعة الواحدة بمبلغ كبير، وتتفاوت الأسعار بين قطعة وأخرى حسب جودة التصنيع، والجمالية التي تتمتع بها.

كما تحدث عن طريقة الصناعة قائلا : تتطلب صناعة البسط عمل أربعة أشخاص بوقت واحد؛ حيث يقوم أحدهم بالعمل على النول ويلف الآخر المواسير، ويقوم الثالث بالصباغة والرابع بتجهيز الصوف، تستغرق عملية إنجاز البسط حوالي أسبوعين وهي مدة كافية لغزل الصوف وصباغته ونسجه، وتستخدم أنوال يدوية بالكامل مصنوعة من الخشب وتحرك بالرجلين، وتتضمن عملية تصنيع البساط المراحل التالية: تبدأ العملية من جز الصوف من الأغنام ثم تصل بعدها إلى صناع البسط، وهم بدورهم يقومون بفصل ألوان الصوف الخام بعضها عن بعض، ثم يغسل الصوف من الشوائب العالقة به ويعمل على شكل كروي ثم يعالج بالتنشيف ليصبح بعدها قابلاً للغزل؛ حيث يتم غزل الصوف فيتحول إلى خيوط مرتبة ترسل للصباغة، حيث يتم صبغ الصوف بألوان مختلفة وجميلة خاصةً اللون الأحمر التقليدي والأخضر والأزرق والبني، إضافة للأبيض والبنفسجي، المرحلة التي بعدها هي تقوية الخيوط بواسطة المغازل؛ حيث يتم وضع كل خيطين أحدهما مع الآخر من أجل المتانة والقوة، ثم يتم نسج البساط بطريقة متينة يشترك فيها مجموعة من النسوة يتبادلن الأدوار.

ويتحدث خبير في صناعة البسط عن أنواعها وأنواع الخيوط بالقول: البساط قطعة من القماش منسوجة أو محاكة أو مخيطة تم استخدامها سابقاً لتغطية الأرض في خيم البدو أو لتغطية الأرضيات في البيوت في الريف والمدن، وتستخدم الآن لأغراض الزينة في المدينة، ولا تزال تستخدم في البيوت الريفية كمفروشات. وللبسط نوعان: البسط المنسوجة من الصوف يدوياً وبأنوال فردية، والبسط المصنوعة من بقايا الأقمشة، وتصنع البسط في سورية، في الأغلب، وفق تصاميم ثلاثة: البساط المؤلف من قطع تتم حياكتها ثم تتم خياطة عدة قطع مع بعضها بعضاً حسب القياس المطلوب. والبساط المرقوم: وهو عبارة عن مثلثات متصلة مع بعضها بعضاً وبلا فراغات بينها.

وعن الخيوط يقول: تضم الخيوط أنواعاً مختلفة؛ منها الخيوط الصوفية: بعد أن يغسل الصوف وينظف من الشوائب العالقة به ويشكل على هيئة كرات، تصبح بعدها قابلة للغزل فتتحول إلى خيوط صوفية تعد الخامة الأساسية لصناعة البسط اليدوية وكذلك خيوط من بقايا الأقمشة؛ وهي التي تشتهر بها دير الزور، وخيوط السدو وهي خيوط قطنية بيضاء تشكل القدة البيضاء أو الهيكل الأساسي للبساط، ولتزيين البسط أغلب الأوقات تستخدم الرسوم التقليدية القديمة كالأشجار والنجوم والحيوانات والطيور. أما في دير الزور فتستخدم الخطوط الهندسية التي تختلف من قرية إلى أخرى. وتكون الألوان معظم الأحيان هي الأحمر والأسود والأبيض والأخضر، وأحياناً الأصفر، أكثر البسط لونها أحمر وللحصول على هذا اللون يقوم الحرفيون بنقع الصوف بقشر الرمان ثم غليه ليكتسب هذا اللون ثبات كما يستخدم الكمون أحياناً للحصول على اللون الأصفر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار