أكد وزير الخارجية والمغتربين، أسعد حسن الشيباني، أن الحكومة السورية تعمل على توفير مناخ سياسي صحي يتيح مشاركة جميع السوريين في تقرير مستقبل بلادهم، مشدداً على أن سوريا لم تعد دولة هامشية، بل مهمة لكل دول العالم.
سوريا حققت إنجازات بارزة خلال الأشهر الماضية رغم أنها منهكة
وقال الشيباني، خلال مشاركته في فعالية حوارية نظمها المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” في العاصمة البريطانية لندن، تحت عنوان “رؤية ودور السياسة الخارجية لدى سوريا الجديدة”: “إن سوريا منهكة وتمر بمرحلة انتقالية، وهي بحاجة لوقت للتعبير عن نفسها، ونطمح أن تصبح دولة يؤمن بها أبناؤها وألا تكون بعيدة عنهم”، لافتاً إلى أن هناك إنجازات بارزة تحققت خلال الأشهر الماضية، بدءاً من عقد الحوار الوطني وتشكيل الحكومة وإعلان الدستور المؤقت، وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية.
العلاقات مع الولايات المتحدة تسير بشكل جيد جداً وستنعكس إيجاباً على المنطقة
وأوضح الشيباني أن العلاقات مع الولايات المتحدة تسير بشكل جيد جداً وستنعكس إيجاباً على كامل المنطقة، ولفت إلى أن زيارة الوفد السوري إلى واشنطن برئاسة الرئيس أحمد الشرع كانت ناجحة جداً وتناولت جميع الملفات، مشيراً إلى أن إزالة عقوبات قانون “قيصر” بالكامل عن سوريا باتت مسألة وقت فقط.
إزالة عقوبات قانون “قيصر” عن سوريا ستفتح الباب أمام فرص استثمارية واسعة
وأشار الشيباني، إلى أن إزالة العقوبات المتوقعة عن سوريا قريباً ستفتح الباب أمام فرص استثمارية واسعة في مجالات الطاقة والعقارات والتعليم والصحة والسياحة، موضحاً أن الحكومة أعادت صياغة قانون الاستثمار لضمان بيئة شفافة وعادلة تحمي المستثمرين، معرباً عن انفتاح الحكومة على الاستثمار من جميع الدول.
الحكومة تعمل على مدار الساعة لتعريف العالم بسوريا الجديدة
وقال الشيباني: “إن الحكومة تعمل على مدار الساعة لتعريف العالم بسوريا الجديدة وترسيخ الشراكة مع الجميع بعد مرحلة التحرير”، وأوضح أن رفع العلم السوري فوق مبنى السفارة اليوم بعد إعادة فتحها، يمثل اليوم عودة سوريا إلى مسارها الطبيعي، ولتكون السفارة بيتاً لكل السوريين في الخارج تمثلهم سياسياً، وليست مقراً للاستخبارات كما كانت سابقاً، مثمناً موقف الحكومة البريطانية الداعم للحكومة الجديدة والمتمثل في إزالة العقوبات وفتح قنوات التواصل سريعاً.
سوريا لم تعد دولة هامشية بل مهمة لكل دول العالم
وشدد الشيباني على أن المرحلة الراهنة تمثل فرصة تاريخية لتعميق العلاقات الثنائية مع المملكة المتحدة في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، لافتاً إلى أن سوريا لم تعد دولة هامشية، بل مهمة لكل دول العالم، وأن كل الأمور التي أرقت العالم في الماضي كتجارة الكبتاغون والهجرة والأسلحة الكيميائية وتصدير الميليشيات الأجنبية لخلق الفوضى في منطقة الشرق الأوسط كان مصدرها النظام البائد، وقد انتهت مع قيام الحكومة الجديدة.
الحكومة نجحت في تغيير نظرة العالم حول سوريا
وقال الشيباني: “إن الحكومة نجحت خلال 11 شهراً في تغيير نظرة العالم حول سوريا وإزالة المخاوف التي كانت موجودة”، مشيراً إلى عودة ما يقارب مليون سوري، وتفريغ أكثر من مليون ونصف من المخيمات الداخلية خلال هذه الفترة.
نسعى لبناء علاقات واقعية وشراكات مع جميع الدول
وبين الشيباني أن العلاقات الدولية تبنى اليوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، والسعي لبناء علاقات واقعية وشراكات مع الجميع، بعيداً عن أن تكون سوريا طرفاً في أي قطب، ومن ضمن ذلك تنظيم العلاقة مع روسيا بما يضمن مصالح سوريا واستقلالية قرارها دون استعدائها.
التجربة السورية الجديدة ستكون نموذجاً في الحكم التعددي
وشدد الشيباني على أن التجربة السورية الجديدة تسعى لتكون نموذجاً في الحكم التعددي، وأن نجاحها يعتمد على التعايش وبناء الثقة ونبذ الطائفية التي كان يزرعها النظام البائد، مؤكداً العمل على تعزيز التعددية في الحكومة والوزارات والمجتمع، والحفاظ على ثقافة المؤسسات، والعمل على ترميم الدستور والقوانين بطريقة مدروسة، وفي إطار العدالة الانتقالية التي تدعمها الحكومة؛ بهدف حماية المجتمع وضمان حقوق الضحايا الذين عانوا خلال حقبة النظام السابق.
أحداث الساحل والسويداء شكلت تحديات كبيرة للحكومة
ولفت الشيباني إلى أن أحداث الساحل والسويداء شكلت تحديات كبيرة للحكومة، موضحاً أن أحداث الساحل كانت مفتعلة من فلول النظام البائد وأن الحكومة اعتقلت نحو 200 شخص تورطوا فيها، أما أحداث السويداء، فارتبطت بتراكمات اجتماعية تحولت إلى صدامات فجرها تدخل إسرائيل، مؤكداً أن الحكومة تعمل بروية لاحتواء الأزمة وأوصلت أكثر من 70 قافلة إغاثية إليها، لكن هناك أطرافاً في المحافظة لا ترغب بالتسوية.
إسرائيل تلعب دوراً سلبياً في سوريا وغير راضية عن التغيير
وقال الشيباني: “إن إسرائيل تلعب حالياً دوراً سلبياً في سوريا، وغير راضية عن التغيير الذي حصل، وواصلت انتهاكاتها في الأراضي السورية، لكننا لم ننجر للاستفزاز وحاولنا الرد بالدبلوماسية، مضيفاً: “لا نريد أن نكون طرفاً في أي حرب بالوكالة، ونريد الهدوء ونسعى لتفادي التصعيد مع إسرائيل وتبديد مزاعمها بالتعرض للتهديد، فنحن نعمل على إعادة بناء سوريا وننظر لأي اتفاق محتمل مع إسرائيل في هذا الإطار، والعديد من الأطراف الدولية تدعم موقفنا الدبلوماسي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية”.
نرفض أي شكل من أشكال التقسيم
وقال وزير الخارجية والمغتربين: إن سوريا لوحة فسيفسائية وفيها من التنوع ما يميز كل منطقة بميزات محددة، وهذا الأمر موجود ضمن الأمور التي لا نستطيع أن نتخلى عنها، أو أن نقبل بأي شكل من أشكال التقسيم، ونسعى لدمج جميع المكونات في سوريا الموحدة عبر الحوار والتفاهم، مشيراً إلى العمل على تطبيق اتفاق العاشر من آذار مع “قسد” لدمج المناطق الخاضعة لها في الدولة السورية.
إعادة تفعيل سفارتنا في تركيا من الأولويات
ورداً على سؤال حول السفارة السورية في تركيا، قال الشيباني: إن إعادة تفعيل بعثتنا وسفارتنا في تركيا هي من الأولويات لأن لدينا علاقة متميزة معها.
إعادة الإعمار تساعد في إعادة السوريين إلى بلدهم
وحول إعادة الإعمار قال الشيباني: “نحن اليوم لا نخشى على همة الشعب السوري في إعادة الإعمار، وهناك دول صديقة تقف إلى جانبنا بشكل حقيقي فيما يتعلق بإعادة الإعمار؛ لأن هذه المسألة حسب إحصائيات البنك الدولي ربما تحتاج إلى 400 مليار دولار وهذا ليس مبلغاً بسيطاً، وهذا المبلغ بالتأكيد لا تملكه الحكومة السورية ولا تملك شيئاً من هذا القبيل، ويجب أن يتوجه العالم أيضا بطريقة فيها من العدالة والإنصاف لمساعدة الشعب السوري في مرحلة إعادة الإعمار؛ لأن هذا الأمر أولاً سيثبت الشعب السوري في الداخل وسينجح هذه التجربة الملهمة، وأيضاً سيساعد على إعادة السوريين في الخارج إلى بلدهم ووطنهم بعزة وكرامة”.
سوريا ملتزمة بدعم الشعب الفلسطيني
وأكد الشيباني على التزام سوريا بدعم الشعب الفلسطيني، معرباً عن أمله بأن يستمر اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بما يؤدي إلى إعادة الإعمار وإدخال المساعدات الإنسانية وعودة النازحين إلى القطاع.
وكان وزير الخارجية والمغتربين بدأ أمس زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة والتقى مع عدد من المسؤولين البريطانيين؛ لبحث آفاق تطوير العلاقات السورية البريطانية وسبل تعزيز التعاون في المجالات المختلفة بما يخدم المصالح المشتركة، إضافة إلى رفع العلم السوري فوق السفارة السورية في لندن إيذاناً باستئناف عملها الرسمي بعد إغلاقها 14 عاماً.