طقوس وعادات تعود إلى مئات السنين وبعضها مغرق في القدم، العروس تكسر إناء زجاجياً لدى دخولها إلى بيت الزوجية، كي (ينكسر الشر) حسبما يعتقدون.. الحنة والغناء، ومشية الزلم كلها طقوس تضيف جمالية إلى تاريخ الفلكلور الرقاوي.
للعرس الرقي طقوس عديدة، ومن ضمنها وليمة الغداء التي تسبق الزفاف ببضع ساعات، وتسمى في محافظة الرقة بـالصبحة، حيث يقوم والد العريس وإخوته، بدعوة الأصدقاء والمقربين لتناول الغداء على شرف العريس، وهو تقليد عربي عريق، مازال حاضراً في مدينة الرقة إلى يومنا هذا، وهو يدلُّ على كرم الأهل، وتماسك علاقتهم الاجتماعية.
تمتاز أغاني زفة العروس، وطالعة من بيت أبوها، ومشعل بالجمالية الشعرية والعذوبة اللحنية، وبساطة كلماتها التي تجعلها قادرة على التعبير عما يدور في الزفاف
قبل يومين من زفة العروس إلى بيت زوجها عند عرب زور الرقة، تقام طقوس الحنة ضمن مسيرة احتفالية مشياً على الأقدام من بيت العريس إلى بيت العروس، وبعد هذه الاحتفالية بيومين تُزف العروس من بيت أبيها إلى بيت العريس، وتردد النسوة أنشودتهن المعهودة، وهن يرافقن العروس إلى بيت زوجها، قائلات:
يا عروس لا تبجين قبلج بجينا… وهذي كتبة الله علينا.
ويشير الباحث محمد موسى الحومد في كتابه أحاديث على الهامش بالقول: الصبحة: وهي وليمة يقدمها العريس قبل قدوم عروسه، مكونة من الثريد ولحم الضأن، ويبالغ الريفيون بهذه الوليمة:
يا ذباح الصبحة اذبح عجاله… عيون على العروس عيون الغزالة.
جرت العادة في مدينة الرقة أن يقدم أهل العروس بعد يوم زفافها إفطاراً لأهل العريس؛ ويكون متنوعاً إما كباب ومارينا أو خرفان محشية، حيث لعب الغرف دوراً اجتماعياً بارزاً في مدينتا مشاركاً أهلها في أفراحهم وأتراحهم، فهو (الفطور) للعروس في صبحية زفافها ويرسل إلى أهل العريس من ذوي العروس، وفي الملمات والنوائب يرسل إلى أهل الميت على شكل غرف لذويه مشاركة من مرسله لهؤلاء في عزائهم
شاعت في مدينة الرقة أغاني العرس منذ أوائل القرن التاسع عشر، وتعد من الأغاني التّراثيّة، التي لا تزال تردد في مناسبات العرس من يوم الحنة إلى الزفاف، وختاماً بإفطار العروس، ولعلّ الغزل من أهم ما يُميّزُ هذا الفنّ، وهي أغانٍ لطيفة المعاني سهلة الألفاظ؛ حيث يقولون:
ياما طبخنا رز أصفر… على بلاط يتنثر… قالوا فلان تجوز… تجوز وخلى الناس تتحسر.
ياما طبخنا محشي… والرز بقلبه يمشي… واحنا يا بيت فلان… يلبقلنا كل شي.
ويضيف: تمتاز أغاني زفة العروس، وطالعة من بيت أبوها، ومشعل بالجمالية الشعرية والعذوبة اللحنية، وبساطة كلماتها التي تجعلها قادرة على التعبير عما يدور في الزفاف.
وضربت الحمد أبياتاً:
نزلت من العلوة تومي بريدينها… توميلك يا فلان نومة بحضونها
ارفعي راسك لا تكوني ذليلة… أخذتي فلان يسوى قبيلة
فلان لو هد وضرب شطب… ريحان لو هب الهوا يميله.
بعد الانتهاء من العرس والتجهيز لزفة السيارات، يقوم العريس والأقرباء والأصدقاء بالدوران حول شوارع المدينة، ومن ثم التّوجه إلى جسور المدينة، وهذه العادة ظناً من أهل الرقة أنها تطرد الحسد والعين عن العروسين، وتقيم علاقة حب بينهما طول العمر بمباركة نهر الفرات.