متواضع، هادئ، وشديد التهذيب، يبدو من بشعره الأبيض فوق وجه لوحته السمرة كماركيز وهو يتذكر غانياته الحزينات مروان قنبر بأعوامه التي قاربت السبعين استضافنا على درج منزله ، وعلى وجهه ترحاب ودود وأخاديد حفرها الزمن عميقا ويبدو من نظرة على مشغله المملوء بالمنحوتات المتناثرة هنا وهناك أن كل واحدة من هذه المنحوتات كلفته واحدا من تلك الأخاديد التي تراكمت فوق وجهه السبعيني. هو- حسب قواعد البرمجة العصبية- من النموذج التفصيلي، لذلك حاولت أن أنبهه بسؤال فرعي أو ملاحظة كلما جنح إلى التفصيل مؤكدا له أن كل عمل من أعماله ينطق بلسان ما ولغة مال يضعه في مكانه الصحيح بين فناني المحافظة والقطر. لغته هو كانت تدور حول ولادته الأولى من الحجر: بدأت بممارسة النحت منذ كان عمري ست سنوات، كنت شديد الإعجاب بالموضة آنذاك وأكثر ما لفت نظري هو قصات الشعر المتشابهة وكنت أظن أن الناس جميعا يذهبون إلى حلاق واحد، وهذا ما حاولت أن أظهره على الحجر. اذكر في سنة 56 أو 57 على وجه الدقة!! أن الأستاذ حمزة القاضي كان لا يرسم شيئا على اللوح، كان يتحدث لمدة شهر عن حورية البحر، لا يترك منها أو من البيئة المحيطة بها شيئا إلا وصفه، ثم بعد ذلك يقول: ارسموا ما فهمتموه من القصة. تستطيع القول إذن إن أول أعمالي كان عبارة عن حورية بحر، أعطاني الأستاذ بعدها درجة مئة من مئة ورشحني كي أقيم أول معرض لي، وسألني أن يزورني في المنزل كي يرى طريقة عملي، وهناك حدثته . أن والدي كان لديه أزاميل يصنع بها الغرافات التي تنصب في النهر ( لم تعد موجودة الآن ) واورثت هذه الأزاميل وبدأت اصنع بها التماثيل. في ذلك الوقت قدم احد الديريين الذين يدرسون الرسم في ايطاليا، هو إسماعيل حسني، استضافته عائلة الياس ليلو وهناك التقينا، قال لي إنني لا أزال صغيرا على إقامة معرض وان المعرض على أية حال سيفتتح بعد ثلاثة أيام ولن أجد الوقت الكافي للمساهمة فيه، فأجبته بأنني سأقوم بنحت تمثال لفلاح مع معوله وبالحجم الطبيعي خلال الأيام الثلاثة، وفي اليوم المحدد جاء بالحمالين ليجد التمثال منصوبا في ساحة الدار، دون أسئلة بدأ بقياس ارتفاع التمثال وكتفيه وخصره وطول قدميه وكفيه، كان التمثال يستطيع أن يرتدي ثيابه هو دون أي خلل في الأناقة، حصلت بعدها في المعرض على المركز الأول في النحت، وحصلت إيفلين تملخ على المركز الأول في الرسم. ولمروان قنبر أعمال معروضة في كل من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، ايطاليا، ألمانيا وفرنسا.
حيث يؤرخ الفنان النحات ( مروان قنبر ) باختلاف مراحله الفنية والزمانية المتأثرة بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية والدراسات الاكاديمية . لفن النحت العربي السوري عبر فنيات مواضيعه التي تعالج مواقف ومشاهد حياتية لتجعل من تجربته منجزات عظيمة في تراث فن النحت العربي السوري المعاصر . حيث يعتبر علامة مضيئة في تاريخ الحركة التشكيلية السورية المعاصرة ؟ بأبعاد حضارية . وسمات مميزة . وخصائص شواهد عصره . وحضارات فن النحت السوري القديم .
مروان قنبر فنان شامل يجمع ما بين النحت والرسم واللون في رقصة تحدي الذات مع حزم الضوء التي تتوزع على اشجار الغرب والطرفاء بوادي الفرات. حيث ينشد الفن والضياء على شواطىء نهر الفرات العظيم حيث تتفجر الشمس في حيوات شعور الفنان المباشر. وما بين عزلة هذا الفنان الناسك كقديس . في محراب هواجس الحياة والعمل الفني . يبقى الفنان مروان قنبر في مسيرة التشكيل . وكانها كل الاحتمالات . التي تتقاطع مع سلس المعاني . في جدائل عشق الفنان . ذو الشخصية المتفردة . في سلوكه الانساني والحيايتي والابداعي لكل الحياة في بيارق عين الرائي . الذي يستلهم مناسبات الارض الخصبة . كي يكون كل هذا الغناء الابداعي . هو حالة ابتكار ما بين اليد والقلب وهبوب الانفعال الانساني الذي يمتلكه الفنان في نزق شعوري . مازال هو ببعض عاداته وتقاليده الشخصية . التي توسم شخصيته في فعل ثوري متفرد . لا يشبه غيره . وهذا ما سبب له النكد الانساني بخواص عدم تفهم مجتمعه لعبقريته الحارة التي اضحت حالات مشتعلة بالدم الحار . والموهبة الناطقة بحق مقدس في علياء روحه القلقة والتي اضحت في شكل علاقات جدلية ذات طابع شخصي يتفرد بها بحركة نشوة الجمال في بنائية الحلم المبدع .