من يعرف خير المطالع كما يعرفه السوريون الذين بذلوا الدماء والعرق والدموع بصبر تعجز عنه الجبال الرواسي، بذلوها على محراب القدسية، كي يبقى تراب الوطن طاهراً من دنس الاحتلال وكفر الإرهاب ورجس التبعية.
نعم هنا ولد خير المطالع على الأرض السورية المقدسة لا على سواها، وهنا فتح التاريخ شدقيه على أقصى اتساعهما تعجباً مما تخطه الأجساد بالدم وليس ما تخطه الأقلام الكاذبة، فتح التاريخ شدقيه وذهل العدو وصعق من بطولات لم ولن تحصل إلا على هذا التراب الأزلي الأبدي، ولم يكن من حق العدو حتى أن يذهل، وكيف كان جاهلاً لهذه الدرجة وغبياً؟ أولم يقرأ الاسفار القديمة منذ بدء الخليقة؟ ألم يكون يعرف أن من تسول له نفسه التجاسر على العرين سيرة انياب الليوث العوابس ويذوق لحمه حدها القاطع؟!
خير المطالع تسليم على الشهدا أزكى الصلاة على أرواحهم ابدا
من مثلنا له الحق أن يرددها، وقد قدمنا فلذات أكبادنا من أبطال الجيش العربي السوري كوكبة تترى وراء كوكبة ضد كل قوى الاستكبار والهيمنة والغدر والخيانة والظلام والجهل مجتمعين، وسالت دماء الأبطال في ملحمة أعادت صياغة توازن القوى في العالم كله وغيرت مجرى التاريخ، من مثلنا له الحق أن يرفع الصوت عالياً بخير المطالع؟!
ليس السادس من أيار يومنا الأغر الوحيد، فكل أيام سورية البطولة والكرامة غراء مضمخة بعبق المجد، وإذا كان لنا كل العز والفخار أن نحيي كل عام ذكرى عيد الشهداء الذين أعدمهم الاحتلال العثماني في دمشق وبيروت على يد جمال باشا السفاح عام 1916 فإن الفخار نفسه يخجل من تضحيات قوافل الشهداء التي استمرت حتى يومنا هذا تروي تراب الوطن بدمائها الطاهرة في سبيل صون كرامته والحفاظ على سيادته.
ها هم السوريون اليوم مع إشراقة شمس السادس من أيار يجنون ثمار الشهادة، وها هو العالم ينحني أمام جبروت رجال الجيش العربي السوري، وإيمانهم الذي يجتث الجبال يلاحق بقايا فلول قطعان الإرهاب الذي نال دعم كل قوى الاستكبار فوجد الأساطير في انتظاره لتمزقه شر ممزق، وقد نسي الأغبياء أن الأساطير ولدت هنا على هذه الأرض وتولد كل يوم، كما نسوا أن خير المطالع كان هنا وسيبقى.
الفرات